أعجبنى ما رواه لى أحد الأصدقاء عن قصة أحد مماليك الدولة الإخشيدية التى حكمت مصر خلال الفترة التى سبقت سقوط الدولة العباسية وقيام الدولة الفاطمية، والتى تصلح لحال كثير من الشعوب الراغبة فى التقدم والازدهار.
قال صديقي: كان هذا المملوك يعمل فى أحد قصور الدولة العباسية، وكان منبهرا بموائد القصر العامرة، وما تحتويه من أنواع الطعام الفاخرة، والتى يصعب تواجدها فى مكان آخر، وكان يتمنى دائما أن يجلس على هذه الموائد ليأكل منها ما يشتهيه من أطيب أنواع الطعام، وذهب يشكو لمعلمه ذلك، لكن رد المعلم كان صادما له، حينما قال له متسائلا هل تريد أن تأكل على مائدة القصر أم تمتلك القصر كله؟
رد المملوك الإخشيدى: مائدة القصر مؤقتة لكن امتلاك القصر هو الدائم، وتساءل كيف يمكن أن أمتلك القصر، وأنا لا أملك من الدنيا شيئا، ومجرد مملوك فى القصر؟
قال المعلم: يمكن أن تمتلك القصر إذا امتلكت الأدوات اللازمة لذلك.
تساءل المملوك: وما هى هذه الأدوات التى تحقق ذلك؟!
قال المعلم: أن تعمل على نفسك بجدية، وتجتهد فى العلم، وتقوم بتطوير قدراتك بتحصيل أكبر قدر من العلم، وأن تكون فارسا شجاعا، وتتعلم كل أدوات الفروسية اللازمة، لتكون مؤهلا أن تصبح من الفرسان القادة بدلا من أن تكون مجرد مملوك فى القصر.
قال المملوك: لكن ما تقوله يحتاج إلى صبر، ووقت، وجهد، وعمل طويل وشاق.
قال المعلم: نعم لكنه يضمن لك ولأولادك من بعدك أن تكون «سيدا»، و«قائدا» وربما تمتلك القصر كله، وليس مجرد أن تجلس على المائدة لتأكل منها.
خرج المملوك وكلمات المعلم ترن فى أذنيه، وعقله، وبدأ رحلة الأمل والعلم، وكان له ما أراد ليصبح أحد حكام الدولة الإخشيدية.
قلت لصديقي: قصة ملهمة وبها معان رائعة لكنها تحتاج إلى بذل الجهد، والمثابرة، والإصرار لكى تعود شعوبنا إلى سابق عهدها من الريادة والقيادة، وتغيير واقع المنطقة كلها.
قال الصديق: هو كذلك، نحن نحتاج إلى تغيير أولويات قائمة أهدافنا الشخصية، حتى يتحقق لنا ما نتمناه من القدرة على القفز إلى مصاف الدول العظمى المتقدمة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا، كما فعلت دول كثيرة سبقتنا فى هذا المجال مثل الهند، وماليزيا، وكوريا، والصين وغيرها من تلك الدول التى أصبحت أرقاما صحيحة فى المعادلة الدولية.
التعليقات