في المجتمعات الشرقية وتحديداً في المجتمع المصري ونحن على مشارف نهاية القرن الواحد والعشرين ماذا نتوقع من قضايا يطرحها المعنيون أو المؤثرون في المجتمع بالأمر؟ أعتقد بل أكاد أوقن أنها ستكون قضايا ملحة وعاجلة وتحتاج إلى البت فيها بتعديلات أو تطوير، فإذا تحدثنا عن شأن المرأة في مصر فماذا تتوقع مناقشته من هؤلاء؟! أعتقد أيضاً بل أوقن أنها ستكون قضايا نسوية ملحة مطروحة على الساحة منذ سنوات تحقق العدل والمساواة التي ينادي بها الدستور في مواده ويتحدث عن المجتمع كمواطنين ولا يتحدث في مادة العدل والمساواة بصيغة الجنس (ذكر أم أنثى)، إذاً أنت لست في مجال أن تناقش فكرة هل تخوض النساء العمل البرلماني أم لا؟! ولا تناقش هل تشارك النساء في صنع القرار أم لا؟! ولكنك تناقش تمكين وإتاحة الفرصة بعدالة وهذا هو الطبيعي حالياً من وجهة النظر المنطقية وأنت في هذا الزمن ولكن أن تتقدم جريدة تعد من أوائل المواقع الإلكترونية الإخبارية في مصر باستبيان عجيب وغريب ويتحدث عن (هل توافق كزوج على عمل زوجتك؟) أجب بنعم أو لا !!!!!! يا إلهي أحقاً ما نراه ونسمعه أبعد أن تقلدت النساء (خارج المجتمعات الشرقية) إدارة دول ورئاستها بل واتخاذ قرارات مصيرية وبعد أن صارعت النساء في مجتمعاتهن الشرقية حتى يصلن إلى حق الانتخاب والترشح وتقلد المناصب والمشاركة في صنع القرار بل ويشهد التاريخ على دور النساء المصريات تحديداً وتأثيرهن في نتائج الانتخابات وما نتحدث عنه ليل نهار عن دورها العظيم ونجاحها بتميز في كل ما تتقلده من مناصب نأتي اليوم لنطرح هذا الاستبيان وكأننا نركب آلة الزمن لنعود مائة عام للوراء ومن دون خجل أو ندم!!! وإذا تطرقنا هنا لإجابات السادة الأفاضل بعض رجال مجتمعنا أجدني حائرة بين الاندهاش أو الاعتياد على تلك الآراء فمن ضمن الآراء رأي لفت انتباهي عندما تحدث أغلبهم عن دور المرأة في الكنس والطبخ والمسح ومذاكرة الأولاد والاعتناء بالزوج وطلباته فكيف تجد الوقت بعد كل هذا للعمل؟ واختتم أغلبهم تلك التعليقات تحديداً بعبارة أجدها هزلية (فالبيت مملكة المراة ولا نريد لها التعب)!!!!!!!!!! أبعد تلك الوظائف التي في أماكن أخرى ومجتمعات أخرى يتم إقرار أجور للنساء اللاتي يمارسن تلك الوظائف نجدكم توفرون أجورهن بوظيفة زوجة ولا يحق لها أن تعمل، ويفتخر أصحاب أغلب التعليقات بأنهم يصونون نسائهم في بيوتهن، فلحظة عزيزي الرجل هل تعلم كم نسبة النساء المعيلات في وطنك؟! إنها بنهاية عام 2015 كانت بين 22% و26% نعم هؤلاء النساء تعلن أسراً إما لفقد الزوج أو عجزه أو انسحابه من دوره كزوج وأب، وهي نسبة مخيفة إذا أدركنا أن هناك عدد (4 ملايين سيدة) ليس لهن رقم قومي وبالتالي هناك أعلى من النسب التي لدينا.
تعليق هزلي آخر يقول إننا أخذنا حقوقنا لدرجة أن (الرجال يطالبون بحقوقهم)!؟ ما هذه الحقوق؟؟ هل صارع الرجل من أجل تعديل قوانين بالأحوال الشخصية تجعله مواطناً درجة ثانية؟ هل صارع الرجل يوماً ليكون لأولاده حق جنسيته؟ هل صارع الرجل لتكون هناك مادة تجرم التحرش؟ هل صارع الرجل يوماً ليقول أنا أجيد العمل والإبداع والتميز؟ أين النساء من تشكيل مجلس الوزراء؟ بل أين كان النساء من تشكيل أعضاء الدستورية والتى تضع دستور وطن! إنه شيء يضاف إلى قائمة الهزل والتي أتى هذا الاستبيان ليكشف لنا عن واقع نحاول أن نتجاهله وخصوصاً في المجتمع المدني والذي له تاريخ عريق في التفاوض والصراع للوصول إلى أفضل ما يمكن الحصول عليه لصالح النساء وتأتي آلة إعلامية لتحطم مكتسبات عظيمة للنساء بسؤال ليس له محل من الإعراب وكأن عمل النساء ليس من باب المساواة بين المواطنين بل هي أدوار اجتماعية نفرضها فرضاً حتى مع تغيير المجتمعات وأفكارها، ولكننا لا نرغب في إدراك أنه الفرق بين الجنس والنوع الاجتماعي فرق بين السماء والأرض، فالجنس هو صفات بيولوجية تختص بالجسم وتكوينه إنما النوع الاجتماعي فهو أدوار اجتماعية قد تتغير بتغير المجتمع وتغيير التزاماته، وهذا ما نعيشه الأن فهل من المنطقي أن يعزو البعض عدم رغبته في عمل المرأة هو أنها تأخذ مكان رجل يستحق العمل! حاولت أن أدخل لتلك العقول لأرى كيف يروننا واكتشفت أننا في نظر بعض الرجال عبئاً وهماً ولسنا نستحق العدالة لأننا دون المستوى فنحن لسنا على قدم المساواة ويتم استغلال الدين بكل مغالطة وتكبر للحصول على تأييد شعبي لرغبة الرجال في الاستحواذ على المناصب والسلطة والقرار.
فدعونا نتصارح ونكشف كل الأوراق ودعوكم من هذه الادعاءات عن (مملكة المرأة وما تدعونه من رأفتكم بهن) يكفي أن تتركوا النساء ليقررن ما يريدن ولتدركوا أن النساء مواطنات ذكرهن الدستور في مادته وهن جزء من المجتمع عليهن الواجبات نفسها ولهن الحقوق نفسها ولا رغبة لديهن في تركيع الرجال كما يدعي البعض فإذا تمت المساواة كما ينبغي وإتاحة الفرص بعدالة بين المواطنين والمواطنات لصرنا مجتمعاً سوياً على الأقل من ناحية العلاقة بين الرجال والنساء ولاستيقظنا صباحاً لا لنشارك في مناقشات رجعية بل لنناقش دور أمة وتقدم دولة وهذا هو الفرق بين طرح قضايا مهمة وعاجلة وتمس كل المجتمع إلى طرح قضايا مزيفة هدفها تغييب المجتمع عن واقع حاله وإتساع الفجوة بين مواطنيه.
نجوان ضبيع
كاتبة مصرية
التعليقات