لبنان بعد غياب !

لبنان بعد غياب !

عبدالمحسن سلامة

الأمر المؤكد أن يوم الخميس الماضى كان يوماً تاريجياً فى لبنان بعد انتخاب الرئيس اللبنانى الجديد جوزيف عون ليكون الرئيس الـ 14 فى تاريخ دولة لبنان.

انتخاب الرئيس فى أى دولة أمر طبيعي، وعادى جداً وله مواقيت محددة معروفة سلفاً إلا فى لبنان، بعد أن أصبح اختيار رئيس جديد للبلاد فى كل مرة عملية معقدة، كما حدث مؤخراً، وظل لبنان دون رئيس لنحو أكثر من عامين، بعد أن فشل البرلمان فى التوافق على الرئيس الجديد، فى جلساته طوال تلك الفترة، والتى تم تخصيص 12 جلسة خلالها لاختيار رئيس جديد للبلاد، وفشلت جميعها نتيجة رفض القوى السياسية المتناحرة هناك التوافق على رئيس جديد مما جعل انتخاب قائد الجيش اللبنانى جوزيف عون بمثابة عملية ولادة صعبة وعسيرة من رحم أزمات لبنان المتعاقبة.

استمعت إلى وقائع جلسة مجلس النواب ـ من خلال فضائية القاهرة الإخبارية التى نقلت وقائع الجلسة كاملة، وقامت بتغطية أحداثها، وسمعت خطاب الرئيس اللبنانى الجديد المفعم بالأمل والطموحات أمام البرلمان والعهود البراقة التى قطعها على نفسه للشعب اللبنانى الذى انتظر طويلاً، وتضرر كثيراً ودفع أثماناً غالية للانقسامات الطائفية والسياسية.

توقفت أمام تأكيده ضرورة الرهان على الدولة اللبنانية فى علاقاتها الخارجية، لا أن يتم الرهان على الخارج لكى تستقوى التيارات والطوائف على بعضها البعض.

انفجرت أزمات لبنان بعد أن أصبحت تدار من الخارج من خلال وكلاء الداخل، ومن هنا كانت إشارة الرئيس اللبنانى الجديد واضحة لجميع الطوائف والتيارات السياسية بضرورة العودة إلى ان تكون المصلحة اللبنانية هى مؤشر للعلاقات بالخارج، لا أن تكون علاقات الخارج هى المحركة للداخل .

تعهد الرئيس اللبنانى بأن يكون احتكار حمل السلاح للدولة اللبنانية والجيش اللبناني، وهو المبدأ الطبيعى لسيادة أى دولة ووفقا لمصلحة الدولة وللمتطلبات والمقتضيات التى تحددها الدولة.

أعتقد أن خطاب الرئيس اللبنانى وتعهداته تؤكد نياته الصادقة فى عودة لبنان قويا وموحدا، لكن تظل تركيبة لبنان المعقدة القائمة على «المحاصصة» هى المصدر الرئيسى لإمكانية تفجير كل تعهدات الرئيس الجديد والعودة إلى المربع صفر، وتلك هى الخطورة.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات