الكوليرا فى السودان

الكوليرا فى السودان

عبدالمحسن سلامة

للأسف الشديد تزامن إعلان انتشار وباء الكوليرا فى السودان مع إعلان انتشار شلل الأطفال فى غزة، لكن مع وجود فارق ضخم وخطير فى الحالتين وهو أن السودان يعانى من حرب أهلية بشعة يقتل فيها الشقيق شقيقه، فى حين أن غزة تتعرض لحرب نازية همجية من عدو «جبان» ومحتل «خسيس» يريد أن يمحو غزة بشعبها ويحتل أرضها بعد تشريد وقتل أهلها.

وزير الصحة السودانى هيثم محمد إبراهيم أعلن انتشار وباء الكوليرا فى السودان رسميا بعد ثبوت انتشارها فى الإسهالات المائية مشيرا إلى أن الكوليرا عادت للظهور مرة أخرى بسبب الظروف البيئية، ووجود مياه غير صالحة للشرب مما دعاه إلى الاعلان الصريح والواضح عن عودة وباء الكوليرا بما يحمله من مخاطر على أرواح الشعب السودانى الذى يعانى من ويلات الحرب الآهلية بين قوات الجيش السودانى وقوات الدعم السريع المتمردة.

للأسف الشديد الحروب الأهلية والصراعات ليست بجديدة على السودان منذ إعلان استقلاله منذ 68 عاما.

طوال تلك الفترة الطويلة لم يهنأ الشعب السودانى بالاستقرار والأمن والأمان سوى فترات قصيرة جدا حيث بدأت الأزمات من جنوب السودان بعد الاستقلال مباشرة حتى حصول الجنوب على الحكم الذانى عام 1972 ، ولكن الأزمات عادت تطل برأسها من جديد فى عصر الرئيس الأسبق جعفر نميرى.

حصل جنوب السودان على الاستقلال فى عام 2011 بعد استفتاء حق تقرير المصير لمواطنى جنوب السودان الذى أسفر عن التصويت لصالح الانفصال بعد حروب دامية أدت إلى مقتل أكثر من مليونى سودانى.

الآن ومنذ أبريل من العام الماضى اندلعت الاشتباكات بين قوات الجيش السودانى وقوات الدعم السريع التى كانت شريكا فى الحكم بالسودان ، واستمرت هذه الاشتباكات حتى الآن ليذهب ضحيتها آلاف السودانيين، والأخطر تشريد ملايين السودانيين ونزوحهم للهجرة داخل وخارج السودان فى أكبر مأساة إنسانية يعيشها السودان الشقيق منذ استقلاله حتى الآن .

مصر بذلت وتبذل جهودا جبارة ومخلصة للوقوف إلى جانب الشعب السودانى ، ويكفى أن هناك أكثر من 4 ملايين سودانى نزحوا إلى مصر، وتتحمل مصر فاتورة ضخمة وغير مسبوقة فى هذا الإطار، لكن هناك أطرافا أقليمية ودولية تحاول تغذية الصراع بين أبناء الشعب الواحد، والحل الوحيد هو عودة الرشد إلى كل الاطراف لأن الخطورة تكمن فى الداخل السودانى وليست فى عدو خارجى واضح وصريح كما فى غزة المحتلة.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات