بعيدا عن التدخل فى أحكام القضاء أو سير التحقيقات، فإننى أتمنى القصاص العادل لفتيات منشأة القناطر بالجيزة بعد أن سقطت بهن السيارة الميكروباص التى كانت تقلهن فى أثناء رحلتهن للبحث عن لقمة عيش شريفة، ومساعدة أسرهن فى أثناء إجازة العام الدراسى.
هؤلاء هن ملح الأرض المصرية، وهن «الكادحات» الصابرات اللاتى يحفرن الصخر بأصابعهن الرقيقة من أجل استكمال تعليمهن، ومساعدة أسرهن، وشراء ملابس العيد والدراسة، وتدبير المصروفات الدراسية المقررة.
ذهبن للعمل من أجل مساعدة أنفسهن وأسرهن، وعادت معظمهن جثثا هامدة، بعد أن جرفتهن المياه، وغرقن فى نهر النيل.
روايات متعددة حول الحادث، ولايزال التحقيق مستمرا، والأمر المؤكد أن العدالة سوف تنال من كل مخطئ بما يستحق فى هذا الصدد.
هناك روايات كثيرة فى هذا الموضوع بعضها يتعلق بأخطاء تتعلق بالسائق، أو أخطاء أخرى تتعلق بصلاحية «المعدية» وعمرها الافتراضى، وانتهاء ترخيصها منذ عدة أشهر، كما أن هناك رواية أخرى تتعلق بأحد المجرمين الذى حاول التحرش بالفتيات، واستعان ببعض المجرمين أصدقائه ضد السائق الذى كان يدافع عن الفتيات، وقام هؤلاء المجرمون بدفع السيارة فى النيل.
أعتقد أن هؤلاء «قتلة» مع سبق الإصرار والترصد، لأن الأمر هنا لا يتعلق بخطأ غير مقصود، ولكنه يتعلق بجريمة مكتملة الأركان منذ بدء محاولة هؤلاء المجرمين معاكسة الفتيات والتحرش بهن، أو الاشتباك مع السائق الذى كان يحاول منع هؤلاء المجرمين من مضايقة الفتيات، ثم الأخطر من كل ذلك، أن يقوم هؤلاء المجرمون بدفع السيارة فى النيل، بعد أن نزل منها السائق، حينما كان يحاول منع تلك الحماقات السخيفة.
الأمر الآن فى يد التحريات والتحقيقات (شرطة ونيابة) لكى يتم التوصل إلى بلورة نهائية للمتسبب فى تلك الكارثة الإنسانية الصعبة، والتى وقعت بحق فتيات مصريات مجتهدات وكادحات يمثلن «ملح الأرض»، ولابد من القصاص العادل لهن من كل من تسبب فى تلك المأساة، خاصة إذا كانت تلك الروايات المتعلقة بتعمد بعض المجرمين ارتكاب تلك الجريمة البشعة صحيحة.
على الجانب الآخر، فقد تحركت أجهزة الدولة بشكل عاجل وسريع وبجهد يستحق الاشادة والتقدير، خاصة فيما يتعلق بعمليات البحث والإنقاذ، ونقل المصابين، وصرف التعويضات للضحايا والمصابين، وقد لفت انتباهى دخول وزارة «العمل» ووزيرها النشيط والدءوب حسن شحاتة على خط صرف التعويضات فى إطار مساندتها للعمالة غير المنتظمة، حيث قامت بصرف 200 ألف جنيه لكل ضحية، وأتمنى ألا يؤثر ذلك على صرف التعويضات المقررة من جانب وزارة التضامن، لأن أى مبالغ يتم صرفها لهؤلاء الضحايا لن تعوضهن شيئا، وانما هى مجرد لمسة يد «حانية» من جانب الدولة على رأس أسر هؤلاء الضحايا.
التعليقات