أول أمس الجمعة أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا بالوقف الفورى للهجوم الإسرائيلى على رفح، وكذلك وقف أية أعمال عدائية أخرى ذات صلة بسبب وجود خطر مباشر وحقيقى على الشعب الفلسطيني.
كما أمرت المحكمة إسرائيل بفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، إلى جانب ضمان وصول لجان التحقيق وتقصى الحقائق للتأكد من تهمة الإبادة الجماعية.
أشارت المحكمة إلى أن إسرائيل لم تستجب لقراراتها السابقة، وأنها لم تتخذ من الإجراءات ما يكفى لمنع وقوع المزيد من القتلى والضحايا الأبرياء.
القرارات الأخيرة للمحكمة قرارات «نهائية وباتة»، وغير قابلة للطعن، ويجب تنفيذها على الفور وهى بمثابة لطمة دولية قاسية على وجه الكيان الصهيوني، وتؤكد ارتكابه لجريمة الإبادة الجماعية، وأنه دولة «مارقة» خارجة على القانون الدولى والإنساني.
الجانب الأهم فيه هذه القرارات أيضا ما يتعلق بمعبر «رفح» وتأكيد الرواية المصرية بأن مصر لم تغلق يوما هذا المعبر، وأنها تبذل أقصى جهدها لإدخال المساعدات الإنسانية، حيث كان قرار المحكمة واضحا حينما أمرت إسرائيل بفتح معبر رفح لدخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، لأن قوات الاحتلال الإسرائيلى هى التى تغلق المعبر من الجانب الفلسطيني.
ميزة هذه القرارات الجديدة من محكمة العدل الدولية أنها قرارات واضحة، ودقيقة، ولا لبس فيها، ولاتحتمل التأويل أو التأجيل مثلما حدث فى قرارات المحكمة السابقة التى كانت محل «تأويل» من الجانب الإسرائيلي، ولم تكن قرارات واضحة بشأن الوقف الفورى للحرب، وهو ما حدث فى قرارات الجمعة الماضية، التى عالجت اخطاء التوصيات السابقة للمحكمة، والتى كانت عبارة عن توصيات وليست قرارات ملزمة ونهائية، كما فى قرارات الجمعة الماضية.
لقد تابعت قرارات المحكمة أول أمس على قناة القاهرة الإخبارية، وشاهدت تقريرا للزميل أحمد أبوزيد من أمام معبر رفح، والذى يتضمن شهادات مع العديد من سائقى الشاحنات الذين يقفون فى طوابير طويلة وامتد بهم الانتظار إلى أكثر من شهر، وهم غائبون عن منازلهم ومع ذلك يصرون على إيصال المساعدات إلى الأشقاء فى غزة، لكن الجانب الإسرائيلى يغلق المعابر ويتعنت ضد دخول الشاحنات.
فى المقابل فإنه رغم قرارات محكمة العدل الدولية الإلزامية فإن المحكمة للأسف لاتملك من الأدوات مايلزم لإجبار إسرائيل على تنفيذ قراراتها، ومن المتوقع فى حالة اصرار إسرائيل على عدم تنفيذ تلك القرارات اللجوء إلى مجلس الأمن باعتباره الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ قراراته إذا صدرت طبقا للفصل السابع.
المشكلة فى هذه الحالة هى الولايات المتحدة الأمريكية الراعى الرسمى للإرهاب الإسرائيلي، والداعم الرئيسى له، والمؤكد أنها سوف تستخدم حق النقض «الفيتو» ضد أى قرار متوقع فى مجلس الأمن إلا إذا كان قرارا «مائعا» يتماشى مع موقفها.
فى كل الأحوال فإن التطورات الأخيرة كلها تزيد عزلة إسرائيل وتؤكد أحقية وعدالة القضية الفلسطينية، وهو ما انعكس فى قرارات الدول الأوروبية الثلاث (إسبانيا وإيرلندا والنرويج) بالاعتراف بالدولة الفلسطينية والبقية سوف تأتى بالتأكيد رغم أنف أمريكا وإسرائيل.
التعليقات