‏نعم للطائرات.. لا للبنادق

‏نعم للطائرات.. لا للبنادق

عبدالمحسن سلامة

فى صفحتها الأولى يوم الجمعة الماضى نشرت صحيفة «الأهرام» خبرًا أسفل الخبر الرئيسى بعنوان «الاحتلال يواصل غاراته الوحشية فى غزة»، وفى السطر الثانى «واشنطن تتراجع عن صفقة أسلحة لإسرائيل».

توقفت أمام الخبر، وقرأت تفاصيله، ليتضح أن واشنطن تراجعت عن صفقة لبيع أكثر من ٢٠ ألف بندقية لإسرائيل خِشية وصول هذه الأسلحة إلى المستوطنين، ثم جاءت الفقرة التالية لتتراجع واشنطن، كالعادة، أمام إسرائيل، وتشير إلى أن صفقة الأسلحة يمكن أن تتحرك إذا قدمت إسرائيل ضمانات بشأن الخطوات التى ستتخذها للحد من هجمات المستوطنين.

منتهى الأكاذيب، وخلط الأوراق، وبيانات لا هدف لها سوى الضحك على عقول بعض المخدوعين، والمنبهرين بأمريكا، والغرب.

أمريكا تفعل ذلك دائما مع إسرائيل، فهى تقدم لها الأفعال دائما، وتقدم لنا الأقوال فقط.. تقدم لإسرائيل السلاح الأحدث، والأقوى، والأكثر فتكا، حيث قدمت لها طائرات إف ٣٥، والدبابات المتقدمة، والقنابل الذكية، ووفرت لها نظام «القبة الحديدية» غير الموجود فى المنطقة كلها، وحرّكت لها حاملات الطائرات، والمدمرات البحرية، وشارك قادتها فى «مجالس الحرب» الإسرائيلية، وقامت الإدارة الأمريكية، ولاتزال تقوم، بإفشال كل الجهود العربية، والعالمية لوقف نزيف الحرب باستخدام حق النقض (الفيتو) فى مجلس الأمن، ولا يهمها فى ذلك تحدى كل دول العالم بلا استثناء.

تفعل ذلك أمريكا لإسرائيل، وهى تستنزف ثروات العالم العربى، وهى المستفيد الأكبر منه، وهى صاحبة المصلحة الأكبر مع العالم العربى، ثم بعد ذلك تقدم للعرب وعودا كاذبة، وأحاديث إفكا، وتصريحات مغلوطة.

من المهم أن يتوقف العالم العربى كله الآن أمام تلك المواقف الأمريكية البشعة، ويعيد حساباته مع الإدارة الأمريكية، وتكون هناك خطة مراجعة شاملة للعلاقات العربية- الأمريكية، ومستقبلها، وذلك على مستوى الجامعة العربية كبند أساسى من بنود الاجتماعات، وعلى مستوى الحكومات، وعلى مستوى المراكز البحثية، والمنظمات الأهلية، والصحافة، والإعلام، لإعادة تقييم المواقف على الإنحياز الأمريكى الصاروخ، والدائم ضد المصالح العربية.

المواقف الأمريكية متكررة، ودائمة منذ قيام دولة إسرائيل، فهى التى ساندتها فى عدوان ١٩٦٧، ودعمتها بكل قوة فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، ولايزال موقفها كما هو كما يحدث فى غزة الآن.

لكل ذلك لابد أن تكون هناك وقفة جادة مع الإدارة الأمريكية، وإعادة تصحيح مسار العلاقات العربية - الأمريكية خلال المرحلة المقبلة بما يتماشى مع المواقف الأمريكية الحالية، والمستقبلية.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات