نساء السينما المصرية.. طلعت حرب والأخوين لاما الرواد

نساء السينما المصرية.. طلعت حرب والأخوين لاما الرواد

عادل أديب

السينما الصامتة.. 1907-1939 التجارب الأولى الجزء السابع من "ليلى" إلى "زينب" نساء السينما المصرية.. طلعت حرب والأخوين لاما الرواد ..

"إن الإنسان الذي أصبح إنسانا عن طريق العمل

والذي انسلخ عن المملكة الحيوانية لأنه حول الطبيعي إلى صناعي

والذي أصبح بذلك ساحرا

الإنسان خالق الواقع الاجتماعي

سوف يبقى دائما هو الساحر الأعظم

سوف يبقى دائما هو بروميثيوس الذي يقبس النار من السماء إلى الأرض

وسوف يبقى دائما هو أورفيوس الذي يسحر الطبيعة بموسيقاه

ولن يموت الفن 

ما دامت الإنسانية.. باقية.."

واللافت للنظر أن صرح السينما المصرية الذي شيدت أساساته الأولى في أواخر العشرينات وبداية الثلاثينات من القرن الماضي

قد قام على أكتاف مجموعة من النساء اللاتي أخذن على عاتقهن إنتاج أوائل الأفلام والمشاركة في صناعتها تمثيلاً وكتابةً وإخراجاً وتسويقًا.. 

من هذه النساء الرائدات تبرز بشكل خاص أسماء:

عزيزة أمير، بهيجة حافظ، آسيا داغر، وماري كويني..

"عزيزة أمير"

كان المسرح وقتئذ هو بوابة النجومية الأولى في مصر..

وفى شارع عماد الدين.. الذي كانت تضيؤه صور النجوم.. 

وتعلوا أنوار تلك المسارح كنجوم السماء.. 

وكانت تشكل هذه المسارح لأي فنان يعتلى خشبتها..   

الشهرة والمجد.. معا..

وبرغم ذلك

اتجهت "عزيزة أمير" إلى السينما! بل ولتخوض غمار التجربة إنتاجا وتمثيلا..

لأول فيلم روائي صامت! 

والمثير في مسيرتها لا يتوقف عند حد التمرد على التقاليد المجتمعية..

أو دخول مجال لم تسبقها إليه إمرأة أخرى في مصر أو في العالم!

رغم أنه كان لا يوازي نجاح المسرح بأي شكل من الأشكال! 

منذ بدأت "عزيزة أمير" تتحسس خطواتها الأولى في مجال التمثيل عام 1926..

انضمت إلى فرقة "رمسيس" المسرحية التي أسسها "يوسف وهبي"..

اختارها وهبي لدور البطولة في مسرحية "أولاد الذوات"

بعد أن رأى صورة أرسلتها كوجه جديد.. 

مما اثار غيرة وحقد أعضاء الفرقه!

واعتبرته ممثلات الفرقه تعديًا على حقهن في البطولة 

وتبديدًا لآمالهن في الشهرة الواسعة..

خاصة  عندما حدث ذلك بعد اعتزال "روز اليوسف" النجمة الأولى  للفرقة في ذلك الوقت واتجاهها إلى الصحافة!

ومن داخل الفرقة وخارجها.. ذاعت أخبار عن أن علاقة سرية تجمعها "بيوسف وهبي"! 

وهي سبب إسناد البطولة إليها! 

وانتشرت الاشاعات..

ومع ذلك 

أصر "يوسف وهبي" على اختياره..

وبدلًا من اسمها الحقيقي "مفيدة غنيم"

اختار "يوسف وهبي" لها اسم اخر..

الاسم الذي ظل هو اسمها في التاريخ الفني حتى الآن

"عزيزة أمير".

 أطلق "يوسف وهبي" حملة دعائية ضخمة للمسرحية 

وبرزت صورة "عزيزه أمير".. 

في الأخبار والإعلانات مصحوبة بلقب "نجمة فرقة رمسيس الجديدة"!

لم تحقق المسرحية النجاح المطلوب..

وفشلت فشلا كبيرا..

واضطر وهبي إلى إيقاف عرضها بعد ثلاثة أسابيع!

كتبت "روز اليوسف"

في مجلة "التمثيل" (مجلة أسبوعية فنية مصورة) تنتقد المسرحية..

وتعاتب أصحاب المسارح لأنهم يفتحون الباب لأي عابرة سبيل على حد وصفها..

وكتب "أنور محمد "

في جريدة "البلاغ" يقول إن فشل "أولاد الذوات"

يؤكد أن العلاقات الخاصة لا تصنع نجمة!

ربما ظن هؤلاء وجميع المعارضين "لعزيزة أمير"

أن ما أرادوه تحقق عندما انسحبت من فرقة رمسيس..

لكن ما تبين تباعًا 

كان أن قرارها لم يكن استسلامًا!

وإنما كان قرارًا بالسير في طريق اَخر من أجل الحلم نفسه.. 

وكان الطريق هو السينما..

لتصبح السيدة الأولى في هذا المجال! 

الصحف التي كانت تهاجم "عزيزة أمير"

تلقت خبر صدور فيلمها "ليلى" بكثير من الترحيب والفخر

عقب اتفاق بينها وبين المخرج التركي "وداد عرفي" في بداية العام 1926..

أنتجت "عزيزة أمير" أول فيلم روائي صامت..

من بطولتها وكتابة "عرفي" واتفقا على أن يكون هو البطل والمخرج..

لكن خلافًا وقع بينهما فانسحب من الفيلم (كما سردنا قصة الخلاف سابقا) 

فوجدت نفسها في مأزق إعادة شغل الأدوار التي أفرغها رحيله فاستعانت "باستيفان روستي" ليستكمل مشاهده..

وقررت أن تستكمل هي إخراج الفيلم..

وتولت كذلك مهمة المونتاج!

اختارت أمير للفيلم اسم "ليلى" بدلًا من "نداء الرب" الذي اختاره عرفي

وعُرِض الفيلم في سينما "المتروبول" في القاهرة في 16 نوفمبر من العام 1927

وحضر العرض الخاص عدد من الشخصيات العامة.. 

على رأسها الشاعر" أحمد شوقي" ورجل الاقتصاد "طلعت حرب"..

تلقت الصحف التي كانت تهاجم "عزيزة أمير" 

خبر صدور الفيلم بكثير من الترحيب المصبوغ بالفخر 

وبحسب حوار صحفي أجرته "عزيزه أمير" مع مجلة "العروسة" في 28 أغسطس 1928 

فإن صاحب "سينما متروبول "طلب منها إعادة عرض الفيلم أسبوعًا آخر بعد نجاح عرضه في الأسبوع الأول..

لكن خلافًا في توزيع الأرباح بينهما تسبب في رفضها استمرار العرض لأسبوع آخر!

عرضت عزيزة الفيلم في سينما "محمد علي" في الإسكندرية..

وفي عدد من المدن المصرية مثل "بورسعيد وطنطا والزقازيق والمنصورة وزفتى"..

وتحدثت في الحوار نفسه عن اتفاقات لعرضه خارج مصر.. في سوريا وفرنسا وبلجيكا

اختتمت عزيزة أمير مشوارها السينمائي بفيلم "آمنت بالله"..

الذي أنتجته ومثلت فيه.. لكنه تعرض لأزمة كادت تجعله مشروعًا غير مكتمل.. 

عندما احترقت بعض فصوله في حريق القاهرة يناير عام 1952.. 

واستحالت إعادة تصوير ما فُقِد من مَشاهد، بعد أن وافتها المنية عقب يومين فقط من الحريق..

فأجرى "محمود ذو الفقار "تعديلات على قصة الفيلم وعرضه في 3 نوفمبر عام 1952 في سينما" كوزومو "في القاهرة..

خاضت "عزيزة أمير" المغامرة دون خوف من النتائج..

وتغلبت على العقبات التي اعترضت طريقها..

وبعد نجاح تجربة "ليلى" أسست في ما بعد شركة إنتاج سينمائي أسمتها "إيزيس"..

وأنتجت نحو 24  فيلمًا

شاركت هي في تأليف 16 وبطولة 18 منها..

وأخرجت بعد "ليلى" فيلمًا واحدًا هو "كفّري عن خطيئتك" عام 1933..

كانت أمير أول من أنتج فيلمًا سينمائيًّا يتناول القضية الفلسطينية في خضم حرب 1948..

وفضلًا عن الإنتاج.. كتبت القصة..

واختارت له اسم "فتاة من فلسطين"..

وأخرجه 

زوجها "محمود ذو الفقار"

في إطار تعاون طويل استمر بينهما حتى فيلمها الأخير..

وقد حاولت من خلال قصة حب بين فتاة فلسطينية وضابط مصري سَبْرَ أغوار الحرب وواقع المقاومة الفلسطينية..

وعُرِض الفيلم في 1 نوفمبر عام 1948.. أي خلال الحرب..

وتعتبر الأم الشرعية للسينما المصرية، فقد اقترن اسمها بتاريخ السينما كمؤسسة لهذه الصناعة في مصر، وفي البلاد العربية بشكل عام.. 

و.. للحديث بقية  

 

التعليقات