ننشر البيان الختامي لمؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس

القي منذ قليل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، البيان الختامي لمؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس. 

وأكد شيخ الأزهر في بيانه، أن المؤتمر أكد على إن القدس هي العاصمة الأبدية لأرض فلسطين، وأن المشاركين أعلنوا رفضهم القاطع لإدارة الولايات المتحدة الأمريكية الأخيرة. 

وأشار إلى ان المؤتمر يؤازر صمود الشعب الفلسطيني الباسل، ويدعم انتفاضته في مواجهة القرارات المتغطرسة بشأن المقدسات الدينية، مؤكدا أن الجميع مع فلسطين حتي يتحرر القدس الشريف.

وأكد أن المؤتمر يدعو للمواصلة للضغط على الإدارة الأمريكية للتراجع عن قرار الاعتراف بيهودية القدس، معلنا أن المؤتمر يدعم مبادرة الأزهر، لتخصيص مقرر دراسي عن القضية الفلسطينية يدرس في المعاهد وجامعة الأزهر. 

نص البيان:

إيمانًا بالمرجعيَّةِ الفِكْريَّة والرُّوحيَّة الذي يتبوؤها الأزهر الشريف في العالَميْن: العربي والإسلامي، وما يَحْظَى به من ثقةٍ وتقديرٍ لَدى مُختلف المرجعيَّات المسيحيَّة، بل لَدى أحرار العالَم وعُقلائه الصَّادِقين، وانطِلاقًا من المسؤوليَّة الدِّينيَّة والإنسانيَّة التي يضطلعُ بها، والأمانة التي يحمِلها على عاتقه منذُ أحد عشر قرنًا من تاريخه الحافِل بالأمجاد والمواقف.

فإن الأزهر الشريف بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين، وتحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وبحضور السيد الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، قد عقد «مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس» بمركز الأزهر للمؤتمرات في العاصمة المصرية القاهرة، وذلك للتباحث بين قادة الفكر والرأي والدين والسياسة، ومُحِبِّي السَّلام من ستٍ وثمانين دولة من مختلف قارَّات العالم، لبحث آلياتٍ وأساليب جديدة تنتصر لهوية القدس ولكرامة الفلسطينيين، وتحمي أرضهم، وتحفظ عروبة القدس وهويتها الروحية، وتصد الغطرسة الصهيونية التي تتحدَّى القَرارات الدوليَّة، وتستفزُ مشاعر شُعُوب العالَم، وبخاصة أربعة مليارات من المسلمين والمسيحيِّين، للردِّ على قرارات الإدارة الأمريكية التي تأكَّد انحيازها لكيان الاحتلال الصُّهيوني الغاصِب.

وعلى مدى يومين، وفي الفترة من 29 ربيع الآخر و الأول من جمادي الأولى سنة 1439 هـ المقابلة 17-18 من يناير 2018م، وبعد عدد من الجلسات والمُداولات وورش العمل اتفق المجتمعون على إصدار «إعلان الأزهر العالمي لنصرة القدس» متضمنًا البنود الآتية:

أوَّلًا: يؤكد المؤتمر على وثيقة الأزهر الشريف عن القدس الصادرة في 20 نوفمبر 2011، والتي شددت على عروبة القدس، وكونها حرمًا إسلاميًّا ومسيحيا مقدسا عبر التاريخ.

ثانيًا: التأكيد على أن القدس هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين المستقلة والتي يجب العمل الجاد على إعلانها رسميًّا والاعتراف الدولي بها وقبول عضويتها الفاعلة في كافة المنظمات والهيئات الدولية، فالقدس ليست فقط مُجرَّد أرض محتلة، أو قضية وطنية فلسطينية، أو قضية قومية عربية، بل هي أكبر من كل ذلك، فهي حرم إسلامي مسيحي مقدس، وقضية عقدية إسلامية ـ مسيحية، وإن المسلمين والمسيحيين وهم يعملون على تحريرها من الاغتصاب الصهيوني الغاشم، فإنما يهدفون إلى تأكيد قداستها، ودفع المجتمع الإنساني إلى تخليصها من الاحتلال الصهيوني.

ثالثًا: إنَّ عروبةَ القدس أمر لا يقبل العبث أو التغيير وهي ثابتة تاريخيًّا منذ آلاف السنين، ولن تفلح محاولات الصهيونية العالمية في تزييف هذه الحقيقة أو محوها من التاريخ، ومن أذهان العرب والمسلمين وضمائرهم فعروبة القدس ضاربة في أعماقهم لأكثر من خمسين قرنًا، حيث بناها العرب اليبوسيون في الألف الرابع قبل الميلاد، أي قبل ظهور اليهودية التي ظهرت أول ما ظهرت مع شريعة موسى -عليه السلام- بسبعة وعشرين قرنًا، كما أن الوجود العبراني في مدينة القدس لم يتعد 415 عامًا، على عهد داود وسليمان -عليهما السلام- في القرن العاشر قبل الميلاد وهو وجود طارئ عابر محدود حدث بعد أن تأسَّست القُدس العربية ومضى عليها ثلاثون قرنا من التاريخ.

رابعًا: الرفض القاطع لقرارات الإدارة الأمريكية الأخيرة والتي لا تعدو بالنسبة للعالم العربي والإسلامي وأحرار العالم، أن تكون حبرًا على ورق، فهي مرفوضة رفضًا قاطعًا وفاقدة للشرعية التاريخية والقانونية والأخلاقية التي تلزم الكيان الغاصب بإنهاء هذا الاحتلال وفقًا لقرارات الأمم المتحدة الصادرة في هذا الشأن، ويحذِّر المؤتمر ومن ورائه كافة العرب والمسلمين وأحرار العالم في الشرق والغرب، من أن هذا القرار إذا لم يسارع الذين أصدروه إلى التراجع عنه فورًا فإنه سيغذي التطرف العنيف، وينشره في العالم كله.

خامسًا: وجوب تسخير كافة الإمكانات الرسمية والشعبية العربية والدولية (الإسلامية، المسيحية، اليهودية) من أجل إنهاء الاحتلال الصهيوني الغاشم الظالم لأرض فلسطين العربية.

سادسًا: يدعو المؤتمر حكومات دول العالم الإسلامي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني إلى التحرك السريع والجاد لوقف تنفيذ قرار الإدارة الأمريكية، وخلق رأي عام عالمي مناهض لهذه السياسات الجائرة ضد الحقوق والحريات الإنسانية.

سابعًا: يؤازر المؤتمر صمود الشعب الفلسطيني الباسل ويدعم انتفاضته في مواجهة هذه القرارات المتغطرسة بحق القضية الفلسطينية ومدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، كما يحيي روح التلاحم الشعبي بين مسلمي القدس ومسيحييهم، ووقوفهم صفًّا واحدًا في مواجهة هذه القرارات والسياسات والممارسات الظالمة، ونحن نؤكد لهم من هذا المؤتمر أننا معهم ولن نخذلهم، حتى يتحرر القدس الشريف.

ثامنًا: يعتز المؤتمر بالهبَّة القوية التي قامت بها الشعوب العربيَّة والإسلامية وأحرار العالم، داعيًا إلى مواصلتها للضغط على الإدارة الأمريكية للتراجع عن هذا القرار المجافي للشرعية الدولية، كما يحيي المؤتمر الموقف المشرِّف للاتحاد الأوروبي وكثير من الدول التي رفضت القرار الأمريكي الجائر بحق القدس، وساندت الشعب الفلسطيني.

تاسعًا: يدعم المؤتمر مبادرة الأزهر بتصميم مقرر دراسي عن القدس الشريف يُدرَّس في المعاهد الأزهرية وجامعة الأزهر، استبقاءً لجذوة قضية القدس في نفوس النشء والشباب، وترسيخًا لها في ضمائرهم، مع دعوة القائمين على مؤسسات التعليم في الدول العربية والإسلامية وفي سائر بلدان العالم، وكافة الهيئات والمنظمات الفاعلة، إلى تبني مثل هذه المبادرة. 

عاشرًا: يحث المؤتمر عقلاء اليهود أنفسهم للاعتبار بالتاريخ، الذي شهد على اضطهادهم في كل مكان حلّوا به إلَّا في ظل حضارة المسلمين، وأن يعملوا على فضح الممارسات الصهيونية المخالفة لتعاليم موسى عليه السلام التي لم تدع أبدا إلى القتل أو تهجير أصحاب الأرض، أو اغتصاب حقوق الغير وانتهاك حرماته وسلب أرضه ونهب مقدساته.

حادي عشر: يعتمد المؤتمر اقتراح الأزهر أن يكون عام 2018م عامًا للقدس الشريف، ويدعو كل الشعوب بمختلف مرجعياتها وهيئاتها ومؤسساتها إلى تبنِّي هذه المبادرة، خدمة لقضية القدس بمختلف أبعادها.

ثاني عشر: يحث المؤتمر كل الهيئات والمنظمات العالمية، ويدعوها إلى الحفاظ على الوضع القانوني لمدينة القدس، وتأكيد هُويتها، واتخاذ كافة التدابير الكفيلة بحماية الشعب الفلسطيني، وخاصة المرابطين من المقدسيين، ودعم صمودهم، وتنمية مواردهم، وإزالة كل العوائق التي تمنع حقوقهم الآدمية الأساسية، وتحول دون ممارسة شعائرهم الدينية، وذلك لضمان استمرار بقائهم وتجذرهم في القدس العربية، مع حَضِّ أصحاب القرار السياسي في العالميْن: العربي والإسلامي على دعم ذلك كله، دون اتخاذ أي إجراء يضر بالقضية الفلسطينية، أو يصب في التطبيع مع الكيان المحتل الغاصب.

ثالث عشر: تكوين لجنة مشتركة من أبرز الشخصيات والهيئات المشاركة في هذا المؤتمر لمتابعة تنفيذ التوصيات على أرض الواقع ومواصلة الجهود في دعم القضيَّة الفلسطينيَّة وبخاصةٍ قضيَّة القُدس، وعرضها في كافة المحافل الدوليَّة الإقليميَّة والعالميَّة.

هذا؛ وللقُدْسِ ربٌّ يَحْمِيهِ ويَنْصُره وسَيَنْصُرُه إنْ شَاءَ الله.

والسَّلامُ عَلــَـيْكُم ورَحْمَـةُ اللهِ وبَرَكَاتُه؛

التعليقات