رفقا بالأديان..!

انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي ،والمواقع الإلكترونية خبرا مفاده، أن النجمة الأمريكية "ليندساي لوهان" تمسك كتابا يشبه القرآن الكريم، وطرح ناشر الخبر سؤالا هل تدخل النجمة الأمريكية في الدين الإسلامي ؟! وانتشر الخبر كالنار في الهشيم ،واهتزت شبكات التواصل الاجتماعي بالتكبير والدعاء، وغيرها من الكلمات والتعليقات التي تشعرك بأنك تعتنق -لا سمح الله- دينا منقوصا أكملته النجمة الأمريكية بمجرد تفكيرها في اعتناقه.

وهنا نتحدث معا ليس عن هذه الواقعة فقط، فلن نستطيع إحصاء أو سرد الهوس بمن  يقررون بالفعل اعتناق الإسلام، فليس ببعيد عنا اعتناق الملاكم "مايك تايسون" للدين الإسلامي ،وهو في محبسه ،وكيف كانت ردة فعل بعض المسلمين إزاء تلك الخطوة، إذ علت صيحات التهليل والتكبير، علما بأن تلك الخطوة هي  قرار شخصي جدا.

فما ظنكم حينما نسمع عن اعتناق المشاهير للدين الإسلامي؟  هل نظن أن الأديان تزداد شهرة كالنجوم بالانتساب إليها ؟! هل نعتقد أن الأديان بنيانها ضعيف لدرجة أن تستمد قوتها من اعتناق  الشخصيات العامة إليها ؟! عفوا إنكم تهينون الدين الإسلامي أو من يحذو حذوكم من أصحاب الأديان الأخرى.

 إن الرسول الكريم -عليه أفضل الصلوات والسلام- حينما تمنى أن يعضد الله الإسلام بأحد العُمَرَيْن ،كان الدين وقتها وليدا يحبو في الخفاء ،وأراد النبي الكريم الإسلام قويا ومنيعا بمن يقفون أمام الكفار المشركين ،ولكن الآن ونحن نزيد عن المليار مسلم ،ماذا يدور في عقولنا حينما ينتسب إلى الدين هذا أو ذاك ؟!

وإذا اتبعنا نفس المنطق الذى يسير عليه من يهللون ،ماذا سيكون عليه الأمر ،إذا قامت النجمة الشهيرة أو غيرها ممن هللنا وكبرنا لدخولهم الدين الإسلامي خرجوا منه ؟! هل ساعتها يهتز الدين ويهتز يقينك بما تؤمن به ؟! إن الأديان أبدا لن تكون لعبة أو آلة في يد أحد ،فالأديان بيوتا مفتوحة للجميع ،والحرية مكفولة لهم إذا رغبوا الدخول فيها ،وبدون طرق الأبواب.

وفي المقابل ،يجب علينا أيضا أن نوقن أن الدين الإسلامي لن تناله إساءة ولا نقص ولا تشويه، إذا قام من ينتسبون إليه بأفعال مشينة كالدواعش الذين يحرقون ويقتلون باسم الإسلام،0 واجعلوني أن أذكركم بواقعة اغتيال السفير الروسي على يد من هلل وكبر، بعد أن قتله غدرا ،وكيف خرج علينا من يقول (الله أكبر) انتصرنا وحررنا، وفعلنا ما فعلنا ،هل تجدون أن ما فعله هذا القاتل المنتسب للدين الإسلامي ينقص أو يزيد من قدر هذا الدين ؟! بل أحب أن أشير إلى أن العالم خرج يستنكر تلك الفعلة ،بل ومنهم من قالوا ليس هذا هو الإسلام.

علينا أن ندرك أن الدين الإسلامي يحمل من القيم والأخلاق والتعاليم الروحانية ما يجعله دائما صامدا أمام كل تلك المتغيرات والأفعال المشينة التي يقوم بها البعض ممن ينتسبون إليه ،ولا يجب أن يعنينا تصرف غيرنا وكأنه أساء للدين الذى نعتنقه.

لذلك دعونا نقرر معا، أن الأديان لن ينقص أو يزيد قدرها باعتناق مشاهير القوم ،بل تحتاج إلى من ينشر قيمها وتعاليمها ومبادئها، تحتاج إلى من ينشر المحبة والسلام في أرجاء المعمورة ،وكم استنكر من يكتب خبرا فيه ديانة صاحب الخبر ،مثل: (مسلم ينقذ طفلة صغيرة ) أو (مسيحي يتبرع بأرضه للمسلمين )،والأمثلة كثيرة ومتعددة، فمن فعل تلك المواقف الإنسانية هو إنسان في المقام الأول ولا يعنينا دينه أو معتقده ،ولكن علينا أن نهلل للفعل والأخلاق حتى تنتشر، فالأديان لا ترتبط بأشخاص تختلف سلوكياتهم ما بين حميد وذميم ،وكما ذكرت قبلا فكلاهما نار تأكل الأخضر واليابس، إذا اتبعنا نفس نظرية شهرة الأديان بالأشخاص؛ فرفقا بدينكم! . 

نجوان ضبيع

كاتبة مصرية

التعليقات