زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى روسيا، مؤخرا، ليست مجرد زيارة عادية، وإنما هى تأكيد لسياسة التوازن الاستراتيجى للسياسة الخارجية المصرية الآن.
مصر منذ عصر الزعيم جمال عبدالناصر وهى تنتهج سياسة حدية إما شرقا أو غربا، حيث سارت فى عصر عبدالناصر شرقا، واتجهت بقوة نحو المعسكر الشيوعى والاشتراكى، ثم اتجهت فى عصر الزعيم أنور السادات غربا نحو المعسكر الأمريكى الغربى، وظلت على هذه الحال حتى جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى ليتخذ مسارا مختلفا فى السياسة الخارجية قوامه الرئيسى هو «الاتزان الاستراتيجى» القائم على عدم الانحياز، والبحث عن مصالح مصر فى إطار سياسة من التوازن الاستراتيجى بين القوى العالمية الكبرى.
ارتفعت مستويات التعاون المصرى مع الأقطاب العالمية الكبرى إلى مستويات غير مسبوقة من الشراكة الاستراتيجية سواء مع الولايات المتحدة الأمريكية أو روسيا أو الصين أو الاتحاد الأوروبى أو غيرها من القوى الاستراتيجية العالمية.
العلاقات المصرية ـ الروسية نموذج لذلك حيث شهدت تلك العلاقات تطورات مهمة خلال الفترة الأخيرة نتج عنها تعاون غير مسبوق فى مختلف المجالات السياحية، والاقتصادية، والطاقة، وغيرها من المجالات.
ربما يكون مفاعل الضبعة النووى هو أبرز مؤشرات هذا التعاون من الجانب المصري، كما أن المنطقة الصناعية الروسية فى المنطقة الاقتصادية فى محور قناة السويس هى الأبرز من الجانب الروسى.
بين هذا وذاك علاقات اقتصادية وسياسية متميزة فى مختلف المجالات مثلها فى ذلك مثل العلاقات المصرية - الأوروبية المتميزة سواء بشكل عام مع الاتحاد الأوروبى أو بشكل أحادى مع كل دولة من دول الاتحاد الأوروبى.
هذا التعاون الاستراتيجى لا يتعارض مع التعاون الاستراتيجى أيضا مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها شريكا مهما ورئيسيا مع مصر، وكذلك التعاون مع الصين والعلاقات الدافئة والمتميزة التى تجمع بين البلدين فى مختلف المجالات.
لكل هذا فإن زيارة الرئيس الأخيرة إلى روسيا ليست مجرد زيارة عادية، وإنما هى تأكيد على ثوابت السياسة الخارجية المصرية فى التوازن الاستراتيجى فى عالم يموج بالصراعات والتوترات فى كل الاتجاهات.
التعليقات