لابد لعقلاء العالم ومفكريه العمل على حماية الإنسانية من الصهيونازية لأنها تشكل خطرا ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط وإنما على العالم أجمع، فإذا كانت النازية أحد الأسباب الرئيسية للحرب العالمية الثانية التى أزهقت أرواح ملايين الضحايا، فإن الصهيونازية التى تجسدها اسرائيل قد تؤدى إلى حرب إقليمية يحتمل أن تتوسع إلى عالمية، فقد انطلقت شرارة الحرب العالمية الثانية فى مارس 1938 بغزو زعيم ألمانيا النازية النمسا، وقد تبدأ الحرب العالمية الثالثة بغزو إسرائيل لبنان، وتداعيات الرد الإيرانى على العدوان الصهيوني. واذا كانت الحرب العالمية الثانية قد انتهت بضربة نووية فإن الخيار النووى مطروح فى ظل امتلاك اسرائيل للأسلحة النووية والتى هدد أحد مسئوليها باستخدامها لإبادة الفلسطينيين، فضلا عن قدوم غواصة نووية وقوات أمريكية لحماية إسرائيل.
هناك تشابه كبير فى الأسس الفكرية والممارسات العملية بين النازية والصهيونية قد يفضى إلى تشابه فى النتائج الكارثية المحتملة! ويرصد باحثون كثيرون هذا التشابه بين النسقين المعاديين للإنسانية، ويتمثل فيما يلي: أولا: سعى كل من النازية والصهيونية إلى إقامة كيان خاص بها، «وحدة جميع الألمان» و«وحدة الشعب اليهودي». مع عدم وضع حدود واضحة للكيانين، فالنازية ترمى إلى «ألمانيا كبرى»، والصهيونية إلى «وطن قومى» غامض فى «أرض «إسرائيل» وهو ما يؤكد أطماعهم التوسعية (لا حدود لإسرائيل حاليا). ثانيا: العنصرية: تقول النازية إن ذوى الدم الجرمانى هم وحدهم من يحق لهم أن يكونوا مواطنين، وإن غيرهم غير مرغوب فيه. وتؤكد الممارسات الصهيونية أن إسرائيل دولة لليهود وحدهم وقد أقر الكنيست قانون يهودية إسرائيل التى تعتبر فلسطينيى الضفة الغربية وغزة غير مرغوب فيهم وتنفذ خططا ممنهجة لتهجير الفلسطينيين وضم أراضيهم. ثالثا: الجوهر الإرهابي: فقد شكل الحزب النازى بعد تأسيسه عام 1920 فصيلا إرهابيا حمل اسم «فرقة الهجوم» وفى الحالة الصهيونية، تأسست أول مجموعة إرهابية مسلحة عام 1907، وسميت «بار جيئورا». وبعد عامين تم استيعابها ضمن منظمة «هاشومير» الإرهابية وكان شعارها (بالدم والنار سقطت يهودا وبالدم والنار ستقوم (ثم حلت محلها منظمة «الهاجاناه» لتصبح أكبر منظمة إرهابية فى فلسطين منذ 1920 ولاحقاً المكون الرئيسى لجيش الدولة الصهيونية، والتى ارتكبت ومنظمات إرهابية صهيونية أخرى مجازر كثيرة بحق الشعب الفلسطيني. رابعا:الأساطير الفكرية المزيفة: فالدولة النازية طرحت رؤية أسطورية للتاريخ الألمانى، وهذه الرؤية شبيهة من بعض النواحى بالأسطورة الصهيونية التى اعتمدت على تاريخ ملفق ومزور.
هذا التشابه تجاوز نطاق الدراسات الأكاديمية إلى اعتراف مسئولين وباحثين إسرائيليين بذلك ومنهم البروفيسور يشعياهو ليبوفيتش الذى ذكر أن حضور العقلية النازية فى «إسرائيل» حقيقة يستحيل تجاهلها، وأن ثمة وجوداً لمن سمّاهم «اليهود النازيين». كما سجل هذا التشابه الرئيس السابق للكنيست أبراهام بورغ فى كتابه لننتصر على هتلر، موضحا أن أبرز أوجه التشابه بين إسرائيل وألمانيا النازية هو الإحساس بـمركزية الإيمان بالقوة فى بلورة الهوية، ومكانة ضباط الاحتياط فى المجتمع، وعدد المواطنين الإسرائيليين المسلحين بالشارع. وقال إن النازية اليهودية تحكم إسرائيل. وذكر فى مقال نشرته صحيفة هآرتس (3 سبتمبر 2023) أن من يتولون الحكم فى إسرائيل حاليا يؤمنون بـعقيدة العرق اليهودى، تماما كما كانت النازية تقوم على الإيمان بالعرق الآري.
هذه الصهيونازية لم تنشأ من فراغ وإنما سبقتها علاقات وثيقة بين النازية والصهيونية كشف عنها باحثون يهود وعرب، ومنهم الباحث اليهودى الأمريكى لينى بيرنر الذى أصدر كتابا بعنوان 51 وثيقة عن تعاون النازيين والصهاينة»، تكشف تجذر العلاقة بين الحركتين. وفى كتابه الوجه الآخر:العلاقات السرية بين النازية والصهيونية، نشر محمود عباس اتفاقية الترحيل التى وقعتها الحكومة النازية مع الوكالة اليهودية عام 1933 لتسهيل هجرة اليهود من ألمانيا إلى فلسطين. وتؤكد دراسات أخرى دعم قادة الحركة الصهيونية للحزب النازى لتحقيق هدفين: تجميع اليهود وإقامة وطن لهم بفلسطين، وكسب تعاطف الشعوب الأخرى، لحشد تعويضات مالية بسبب المحرقة. وأوجز كل ذلك الكاتب الصهيونى (آرى شبيت) فى مقال نشرته «هآرتس»أخيرا بعنوان (إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة) بقوله إن «الإسرائيليين» منذ أن جاءوا إلى فلسطين، يدركون أنهم حصيلة كذبة ابتدعتها الحركة الصهيونية، استخدمت خلالها كل المكر فى الشخصية اليهودية عبر التاريخ!
(وللحديث بقية).
التعليقات