استكمالا لمقال أمس حول الدروس الملهمة فى الأزمات والمشكلات، فإن المتابع للأحداث فى مصر يتأكد يوميا أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يعمل بمفهوم الوقاية قبل وقوع الأزمات وتفاقمها.
تجربة مصر فى التوسع الزراعى وإضافة ما يقرب من مليونى فدان حتى الآن للرقعة الزراعية من خلال استغلال كل نقطة مياه متاحة تؤكد هذا المفهوم.
لم تستسلم مصر لأزمة نقص المياه، حيث تعتبر مصر من أعلى الدول التى تعانى الجفاف، وليس لديها غير مصدر واحد للمياه، وهو نهر النيل الذى يمدها بما يقرب من 98% من احتياجاتها المائية.
من هنا كان تحرك الدولة المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة لاستغلال كل قطرة مياه سواء من خلال إعادة تدوير المياه، واستخدامها أكثر من مرة طبقا لأعلى المعايير العالمية فى هذا الإطار، وكذلك التوجه نحو تطوير نظم الري، واستخدام الأنظمة الحديثة التى تسهم فى خفض معدل الاستهلاك إلى ما يقرب من 50% تقريبا.
طالب الرئيس خلال افتتاح المشروعات الزراعية بالجنوب يوم السبت الماضى بضرورة إعادة النظر فى المساحات المزروعة بالقصب واستبدالها بمحصول البنجر بما يؤدى إلى مضاعفة إنتاج مصر من السكر بنفس المقننات المائية، وكذلك تطوير نظم الري، وتحويله إلى نظم الرى الحديثة بالرش والتنقيط بدلا من الغمر بما يؤدى إلى إضافة مساحات جديدة من الأراضى المستصلحة بنفس كميات المياه المتاحة حاليا.
لم يكن الرئيس يتحدث عن أزمة نخشى منها، لكنه يتحدث عن فلسفة الوقاية قبل وقوع الأزمات، لأن موارد مصر محدودة من المياه، وهناك زيادات سكانية هائلة تضاف إلى أعداد السكان سنويا، وكل هذا يتعارض مع محدودية موارد مصر المائية، وهو مايتطلب اتخاذ ما يلزم من الخطط والإجراءات لتجنب وقوع أى أزمات محتملة، وهو ما يتم عمله الآن بكل دقة.
نجحت مصر فى إضافة أكثر من مليونى فدان خلال السنوات العشر الماضية، ومن المتوقع أن يتم مضاعفة هذا الرقم خلال السنوات الست المقبلة، ليكون ذلك هو المشروع الأضخم فى تاريخ الدولة المصرية منذ عصر محمد علي، وبما يوازى أكثر من 50% من المساحات المزروعة التى كانت تبلغ نحو 7 ملايين فدان قبل بدء ولاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وارتفعت الآن إلى نحو 9 ملايين بعد إضافة المساحات الجديدة، ومن المقرر أن تزيد إلى 11 مليون فدان بعد انتهاء الخطة المقررة، وإضافة باقى الـ4 ملايين فدان خلال السنوات الست المقبلة.
ماحدث فى أزمة المياه وندرة الموارد المائية، يستحق أن يكون نموذجا عمليا لباقى قطاعات الدولة المصرية، وهو ما حدث فعليا فى قطاعات البنية التحتية والمرافق خلال السنوات العشر الماضية.
التعليقات