عواقب الانهيار المناخي

عواقب الانهيار المناخي

د. أحمد شاهين

أوروبا: 2022 حرارة وجفاف بلا مثيل

  • حرارة مفرطة وجفاف شديد يطبعان منذ 500 عام فصل الصيف في أوروبا.
  • في إسبانيا توفي أكثر من 500 شخص بسبب موجة الحرارة التي تم تسجيلها والتي تجاوزت 45 درجة.
  • وفي بريطانيا وصلت الحرارة لأول مرة لأكثر من 40 درجة. وأجزاء من القارة تعاني من الجفاف منذ أكثر من 1000 عام، والكثير من المناطق تقوم بترشيد المياه.

ضحايا

  • وقد لقي 34 شخصاً -على الأقل- حتفهم، جراء أمطار غزيرة وسيول، طالت إسبانيا، تركيا، وبلغاريا، واليونان، فضلاً عن عواصف وأعاصير في الصين، والبرازيل.
  • في الأثناء، أدى سوء الأحوال الجوية في إسبانيا، بعد أشهر من الجفاف، إلى وفاة ثلاثة أشخاص، وفقدان ثلاثة آخرين في الأيام الأخيرة. أما في تركيا، فقد لقي ستة أشخاص على الأقل حتفهم، بينهم اثنان في إسطنبول. وأفادت خدمات الطوارئ بوفاة أربعة أشخاص في محافظة قرقلرايلي، شمال غرب البلاد، حيث ما زال شخصان آخران في عداد المفقودين.
  • وفي بلغاريا المجاورة، لقي ثلاثة أشخاص - على الأقل - حتفهم، وفقد أثر اثنان على ساحل البحر الأسود. وتأثر آلاف السياح بالأحوال الجوية العنيفة مع سقوط ما يعادل أشهر عدة من الأمطار خلال 24 ساعة، وهو أمر لم يسمع به من قبل منذ 1994، وفقاً لمدير خدمة الإنقاذ، ألكسندر دجارتوف.

عواصف وأعاصير

  • وفي اليونان، المتاخمة لتركيا وبلغاريا، وحيث تهب منذ الاثنين الماضي عاصفة «دانيال»، توفي شخصان، وفقد اثنان آخران. كما هبت العاصفة بعد حرائق مدمرة هذا الصيف، أودت بحياة ما لا يقل عن 26 شخصاً، ووصفت بأنها «الأكبر على الإطلاق» في الاتحاد الأوروبي.
  • إلى ذلك هطلت أمطار غزيرة، ناجمة عن بقايا الإعصار «هايكوي»، الذي ضرب جنوبي شرق الصين، ما خلف سيولاً جارفة في عدد من مدن إقليم فوجيان، ما أجبر السلطات على وقف خدمات «مترو الأنفاق»، وإغلاق المدارس، وإجلاء عشرات الآلاف من السكان. بينما لقي اثنان من رجال الإطفاء حتفهما في مدينة فوتشو، جنوبي البلاد.
  • كما أن حجم الأمطار الذي هطل على فوتشو، تخطى الأرقام القياسية المسجلة منذ 12 عاماً، ما أثار تحذيرات بشأن 49 خزاناً تجاوزوا حدود الفيضان.
  • وفي البرازيل، لقي 21 شخصاً مصرعهم جراء الإعصار، الذي ضرب جنوبي البلاد. وأوضحت السلطات، أن أكثر من 25 ألف شخص، في حوالي 60 بلدة، تضرروا من الأمطار الغزيرة التي تسببت بانزلاقات التربة والفيضانات.

ارتفاع درجات الحرارة .. هل باتت ثروة البحر المتوسط في خطر؟

ترتفع درجات الحرارة منذ يوليو الماضي في البحر المتوسط ووصلت إلى مستويات قياسية ما ألحق الضرر بالنظام المائي، فما الحلول لمواجهة ذلك خاصة مع توقع الباحثين تكرار موجات الحر القاسية في مقبل الأيام؟

  يشهد البحر المتوسط ارتفاعا في درجات الحرارة ما يشكل خطرا على الحياة البحرية

اجتاحت موجة حر قاسية   منطقة البحر المتوسط  على مدار الأسابيع حيث اندلعت حرائق الغابات في تسعة بلدان من الجزائر وحتى اليونان فيما يحذر خبراء من أن  درجات الحرارة المرتفعة  لا تشكل خطرا على البشر والنظم البيئية على اليابسة فحسب، بل ويمتد الضرر إلى الحياة البحرية.

وكانت درجات الحرارة قد بلغت فوق سطح البحر المتوسط في نهاية يوليو/ تموز الماضي 28.7 درجة مئوية حيث تجاوزت درجة الحرارة في أجزاء المياه في شرق البحر المتوسط عتبة الثلاثين درجة مئوية مع استمرار ذلك خلال أغسطس/ آب الجاري الذي يعد الأكثر سخونة.

وقالت كاترين شرودر، الباحثة في علوم المحيطات بمعهد علوم البحار في إيطاليا، إن  ظاهرة تغير المناخ  السبب الرئيسي وراء تكرار موجات الحرارة في البحر وزيادة ضراوتها، مضيفة بالقول: "لا شك أن هذه الظاهرة تتسبب في ارتفاع درجة حرارة البحر والمحيط".

 

مخاطر ارتفاع الحرارة على الحياة البحرية

مع  ارتفاع درجات الحرارة، تتعرض الكائنات البحرية لخطر الاختناق لأنه الغازات مثل الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون  تذوب بشكل أفضل في الطقس البارد، ما يعني أنه كلما زادت درجة حرارة الماء، كلما قل الأوكسجين اللازم لتنفس الكائنات البحرية.

موجات الحر تشكل خطرا على بعض الكائنات المائية التي تعيش في قاع البحر مثل نجم البحر.

بدوره، قال دييغو كيرستينع، عالم البحار في المجلس الوطني الإسباني للبحوث، إن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي الى زيادة التمثيل الغذائي ما يدفع الكائنات البحرية إلى التنفس بشكل أكبر من المعتاد، مضيفا أن كلا الأمرين يزيدان من خطر موت الكائنات البحرية.

وأشار أيضا إلى أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى تسريع عملية الأيض فيما تحتاج الكائنات الحية إلى المزيد من الغذاء للحفاظ على معدل الأيض.

وتوفر المياه الأكثر سخونة فرصة لنمو الطحالب ما يعني أن استهلاك المزيد من الأوكسجين، فضلا عن أنها تنتج سموما ضارة بالأسماك والثدييات البحرية فيما يمتد الضرر إلى الطيور.

الكائنات البحرية الأكثر عرضة للخطر؟

تعتبر درجات حرارة المياه المرتفعة أكثر ضررًا للكائنات الحية التي تعيش في قاع المحيطات أو البحيرات أو الأنهار بما في ذلك الشعاب المرجانية وبلح البحر والإسفنج ونجم البحر والرخويات وحتى النباتات مثل أعشاب البحر فيما من الصعب أن تقدم هذه الكائنات البحرية على الانتقال نظرا لأنها تكون متصلة في الغالب بالصخور.

وفي سياق متصل، قال علماء إنهم رصدوا تعرض الكائنات التي تعيش في قاع البحر للموت الجماعي على طول آلاف الكيلومترات من ساحل البحر المتوسط بين عامي 2015 و2019.

بدوره، حذر العالم غواكيم غارابو، كبير الباحثين في المجلس الوطني الإسباني للبحوث، من إن قاع البحر المتوسط كان "يزخر بأنظمة بيئية غنية بالتنوع البيولوجي، سوف نفقد المزيد خاصة في المياه الضحلة".

وتلعب الكائنات البحرية التي تعيش في القاع دورا بارزا في الحفاظ على النظام البيئي البحري حيث تقوم بتنظيف المياه إذ تتغذى على الكائنات الحية الميتة فيما تعد بعضها مصدرا غذائيا لكائنات أخرى فضلا عن دور الشعاب المرجانية الناعمة والأعشاب البحرية والأعشاب البحرية في توفير موائل حاضنة لبعض الأسماك واللافقاريات.

وقال بيدرو بيكا كاريتيرو، الباحث في مركز لايبنيز للبحوث البحرية الاستوائية في ألمانيا، إن ارتفاع درجات الحرارة يشكل ضررا على نباتات "البوسيدونيا" البحرية على وجه الخصوص التي تعد من أهم النباتات في البحر المتوسط حيث توفر الأوكسجين وسط البحر وتحطم الأمواج العاتية وتحافظ على الرمال من التيارات البحرية بفضل عروقها ما يعني أن حلقة أساسية في سلسلة التوازن البيئي أصبحت في خطر.

وقال بيكا كاريتيرو إن هذه النبتة تشكل "أهمية خاصة للبشر لأنها بمثابة حوض طبيعي رئيسي لتخزين الكربون ما يجعلها أحد أكثر النظم البيئية فعالية في تخزين الكربون على المدى الطويل".

فقد بات بقاء نبات البوسيدونيا الذي يُلقب بـ "رئة البحر المتوسط" في خطر بسبب ارتفاع درجات الحرارة

هل يمكن أن الطقس الحار مفيدا؟

ومع ارتفاع درجات الحرارة، يطرح كثيرون تساؤلا حيال هل يمكن أن تستفيد بعض الكائنات البحرية من موجات الحر القاسية؟

وفي ردهم، يقول الباحثون إن قنديل البحر من بين الكائنات الأكثر استفادة من الطقس الحار حيث ينمو بشكل أسرع فضلا عن أن الصيد الجائر وفقدان الموائل الحاضنة للأسماك يعني أن وجود عدد أقل من الكائنات التي قد تفترس قناديل البحر.

ويضم البحر قرابة ألف نوع من الكائنات الاقتحامية وهو الأعلى في العالم. ورغم أن هذا الأمر لا يرتبط بشكل مباشر بتغير المناخ أو ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن الطقس الحار يخلق ظروفا مناسبة و من بين هذه الكائنات سمكة الأرانب التي تعيش في المحيطين الهندي والهادئ حيث وجدت موطئ قدم لها في  شرق البحر المتوسط  فيما باتت الصحاري المائية محل غابات الأعشاب البحرية الكثيفة.

 

الحلقة القادمةضرر ارتفاع مياه البحر المتوسط على البشر

التعليقات