استعادة مكانة تركيا عالميا ورفض نهج أردوغان المتهور تجاه الغرب وتعاون حذر مع روسيا

اتهامات هنا وهناك  أطقلتها المعارضة ضد روسيا ، تحت مزاعم بالتدخل  ـــ المباشر تارة والمبطن باشكال وطرائق مختلفة ــ  في الانتخابات التي ستجري اليوم الأحد  وما صاحبها ببعض التراشقات اللفظية والتي سرعان ما تورات حرصا علي المصلحة العامة لكن لا زال صداها يحوم في الاروقة السياسية حتى اللحظة . ففي الأسبوع قبل الماضي  خرج وزير الطاقة " فاتح دونماز " بتصريح مؤداه " أن شركة الطاقة الروسية العملاقة جازبروم وافقت على تأجيل جزء من مدفوعات الغاز لتركيا دون تحديد المبلغ " في صفقة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها نفحة  اقتصادية أخرى من الكرملين ( يسديها الرئيس فلاديمير بوتين ) إلى ( نظيره وصديقه المخلص ) رجب طيب أردوغان الذي يواجه أصعب تحد منذ اعتلائه الحكم قبل واحد وعشرين عاما. أمام كل هذا كان من الطبيعي ان يطرح عددا من المراقبين سيناريو لما هو محتمل بعد الرابع عشر من مايو ، في حال فاز تحالف الامة المنافس للحكم الحالي وتربع كيلتشدار أوغلو علي سدة الرئاسة عائدا إلي شناكاي كشك ونالت أحزاب الطاولة السداسية غالبية مقاعد البرلمان ما الذي سيحدث للسياسة الخارجية التركية تجاه  الجارة الروسية هذا أولا وثانيا المتوقع بالنسبة للغرب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ؟ 

حوار جاد وحقيقي مع اليونان حول وضع الجزر ببحر ايجه 

صحيح أن كيلتشدار دار أوغلو وهو يخاطب " أصدقائي الروس الأعزاء " مطالبا إياهم رفع ايديهم عن الدولة التركية ومتهما إياهم  بالوقوف وراء الافتراءات والمؤامرات والمحتوى المزيف العميق والأشرطة اللاخلاقية التي تم الكشف عنها في هذا البلد ومست مرشح رئاسي " إلا أنه حرص في ذات الوقت علي التأكيد "ما زلنا نؤيد التعاون والصداقة" في هذا السياق وصف برلماني معارض التقارير التي افادت باختراق  روسي لمنصات خصوم أردوغان بأنها غير مؤكدة هذا أولا وثانيا  " نريد أن تستمر علاقتنا التي تعود إلى قرون".   وحتى لو أدى انتصار المعارضة إلى تنشيط علاقات تركيا مع الناتو يقول المحللون إنه لا توجد فرصة لأن تقطع أنقرة علاقاتها مع روسيا فهذا غير وارد وكأنهم يردون علي حالة الغبطة التي عمت الدوائر الغربية وهي تري تقدم كمال كيلتشدار أوغلو مزاحما عن جدارة أردوغان المستبد ..  فقد أثار ظهوره بارقة أمل في واشنطن لإحياء محتمل للسياسة الخارجية الموالية لحلف شمال الأطلسي في أنقرة والعودة إلى المعايير الديمقراطية  خاصة مع تعهد تحالف المعارضة ، باستعادة مكانة تركيا على الساحة العالمية وهو ما يعني رفض نهج أردوغان المتهور تجاه الغرب وجيران الاناضول وإنهاء تكتيكاته التجارية المتمثلة في اللعب علي الحبل بين روسيا والغرب والتي لم تؤد إلي نتائج حقيقية اللهم نيل بعض مكاسب متواضعة.   زاد علي ذلك ما ردده معسكر كيلتشدار أوغلو نفسه بإنه في حالة انتخاب الحكومة الجديدة ، ستنضم مجددًا إلى برنامج F-35 Joint Strike Fighter الذي تقوده الولايات المتحدة والمضي قدمًا في تحديث واشنطن المخطط لأسطول F-16 التركي بقيمة 20 مليار دولار ، كل ذلك مع إعادة إشراك الاتحاد الأوروبي وتعزيزه واجراء حوار جاد وحقيقي مع اليونان حول وضع الجزر المتنازع عليها في بحر ايجه .

uploads/files/mebusiness.ae_1684011481_1.jpeg

صورة أولي الجزر المتنازع عليها بين تركيا واليونان

القادة الغربيون سيرحبون بأذرع مفتوحة

محلل آخر ذهب إلي القول بإنه حتى إذا فازت المعارضة ، فمن المرجح أن تعطي الحكومة الجديدة الأولوية لاستعادة الثقة في الاقتصاد التركي والمؤسسات المحلية قبل رسم مسار جديد وجريء في السياسة الخارجية صحيح أن كيليتشدار أوغلو وفي مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال نُشرت الثلاثاء قبل الماضي قال كيلتشدار أوغلو  إنه إذا تم انتخابه ، فإن حكومته ستمتثل لعقوبات الغرب على روسيا مع الحفاظ على استثمارات روسيا في بلاده  إلا أن خبراء قالوا إن الضعف الاقتصادي لتركيا ، والذي يظهر بشكل أكثر إلحاحًا في تقلب الليرة ، يجعل هذا الأمر صعبًا.   والمعروف أن روسيا وسعت علاقاتها الاقتصادية مع تركيا بشكل كبير منذ الحرب في أوكرانيا.  ويكفي القول إن إجمالي حجم التجارة بين البلدين بلغ 62 مليار دولار في عام 2022 ، وفقًا لوسائل إعلام رسمية روسية ، مقابل 33.8 مليار دولار مع الولايات المتحدة في العام نفسه  وتواجه تركيا عجزًا متزايدًا في تجارتها الخارجية  ، وقد هدد بوتين من قبل بقلب الخناق على اقتصاد أنقرة  من هنا  سيكون علي كيلتشدار أوغلو الحفاظ  على العلاقات مع موسكو في حالة انتخاب مما يعزز التقييمات بأن تحالف تركيا الثنائي مع الغرب من المرجح أن يظل من مخلفات الحرب الباردة. " تركيا ، بطريقة ما ، عالقة بين مرتكزها الاقتصادي الطبيعي ، أوروبا والولايات المتحدة ، ولوحة الشطرنج الروسية المأساوية والقيود التي يمكن أن تفرضها عليها لكن وكما قال مارك بيريني ، سفير الاتحاد الأوروبي السابق في أنقرة  ، لموقع المونيتور بغض النظر عن القيود - أو ربما بسببها - من المرجح أن يرحب القادة الغربيون بمرشح حزب الشعب الجمهوري بأذرع مفتوحة إذا فاز حزبه في الانتخابات ، لا سيما بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية المتجددة لتركيا لحلف شمال الأطلسي وسط الحرب في أوكرانيا.

بوتين وأردوغان

بوتين وأردوغان

التعليقات