رسائل من خطاب الرئيس للجيش المصري

رسائل من خطاب الرئيس للجيش المصري

د.سميه عسله

تابع العالم خطاب الرئيس السيسي للقوات المسلحة المصرية بالمنطقة الغربية أو ما يمكن أن نطلق على زيارة "تفتيش حرب" للوقوف على الاحتياجات المعنوية والعسكرية لفرق مدرعة من الجيش المصري مدربين بأعلى مستوى ولديهم كافة التجهيزات والاستعدادات العسكرية للهجوم والقتال بأي وقت وفور تلقي الأوامر العليا.

وقد لاحظ المجتمع الدولي أن خطاب الرئيس المصري يحمل رسائل واضحة لا تحتمل اللبس وهي أن مصر طرقت الأساليب الدبلوماسية فيما يتعلق بالملف الليبي بوثيقة القاهرة، مؤكدًا لأن مصر ليست دولة معتدية على حدود الآخرين ومقدراتهم، وهذا هو سبب التفاف العالم حول المبادرة المصرية لتعزيز السلام والاستقرار في ليبيا، كما أن مصر سلكت جميع الطرق الدبلوماسية في إطار من الشرعية في حين خالفت تركيا وحكومة السراج التي أتت بالتعيين وليس الانتخاب كافة قرارات الأمم المتحدة ومؤتمر برلين، في محاولة لانشاء دولة للدواعش في ليبيا على غرار دولتهم التي انهارت في سوريا، بحيث تكون مأوى امن للعائدين من داعش الذين رفضت بلادهم استقبالهم بالاضافة الى تجنيد وتدريب عناصر جدد يمثلون خطر على الدولة المصرية،بالاضافة الى ان مصر تعاني من آفة الاخوان المسلمين وتأمراتهم الخارجية مع تركيا وقطر.

وقد حمل خطاب الرئيس السيسي عدة رسائل للداخل المصري وللخارج ولمحور الشر تركيا وقطر وإيران بشكل أخص، تمثلت في نبرة القوة التي تحدث بها الرئيس مؤكدا للشعب المصري أن قواته المسلحة قادرة على حماية الامن القومي المصري و ردع اي مخططات تخريبيه تهدد استقرار ووحدة الشعب، وهذا الأمر يتطلب أن يعي المواطن المصري جيدا المخططات التي تحاك ضده وعلى الشعب ان يتضافر مع قيادته في فهم المخطط العثماني الممول من قطر للسيطره على المنطقة ونهب ثرواتها وهذا ما يبرر التحرك التركي للاستيلاء على الهلال النفطي في سرت والجفرة من أجل سرقة النفط و تسخير تلك الاموال في دعم الجماعات الارهابيه وعلى راسهم الاخوان المسلمين والميليشيات العسكريه لاحداث الفوضى والضغط من اجل السيطرة على المنطقه واستعادة الدولة العثمانية المزعومة،لذلك فقد وضع الرئيس السيسي سرت والجفرة كخط احمر أمام اردوغان.

 وشاهدنا جميعا دعما وتأييدا دوليا لقرارات الرئيس تمثلت في تصريحات ماكرون المؤكده على حق مصر في الحفاظ على امنها القومي والتدخل عسكريا ان لزم الامر وكذلك التصريحات اليونانية والايطالية والامريكيه الداعمه للقرارات المصريه والتي أتت مباشرة بعد اعلان السعوديه والامارات والبحرين والاردن دعمها لمصر في كافة تحركاتها السياسية والعسكريه ان لزم الامر لتحجيم التوغل والاعتداءات التركية على اراضي ليبيا الشقيقة بما يهدد الامن القومي المصري.

وفيما يخص شرعية التدخل المصري المباشر في ليبيا، فإن الرئيس السيسي أكد في تصريحاته منذ بداية الأزمة الليبية ان عقيدة الجيش المصري هي حقن الدماء واحترام الجار والقانون الدولي لذلك أكد الرئيس على ان اي تحرك في ليبيا سيصبح رؤوساء القبائل الليبية في مقدمة الصفوف الاماميه للجيش المصري وسنقدم لهم الدعم والتدريب اللازم فلسنا دعاة حرب ونحترم حق الليبين في الدفاع عن ارضهم وتحريرها من العدوان التركي ،و الأمم المتحدة والمواثيق الدولية تدعم القرار المصري بالتدخل المباشر في ليبيبا كأي دولة تتعرض حدودها للتهديدات، والدليل على ذلك أزمة خليج الخنازير في كوبا، حيث سعى الاتحاد السوفييتي إلى نشر صواريخ هناك، والتي كادت أن تؤدي إلى حرب نووية مع الولايات المتحدة.

إنه في حال تدخلت مصر مباشرة في ليبيا فإن ذلك سيكون متفقا مع ميثاق الأمم المتحدة في المادة رقم 51، والتي تعطي للدول الحق في الدفاع عن نفسها تجاه اي تهديدات خارجية، خاصة و أن ليبيا تتعرض لعدة أزمات أمنية وليست لديها القدرة الكاملة لحماية أمنها القومي وهو ما يعطي الحق لمصر في الدفاع عن حدودها مع جارتها.

هناك عدة عوامل تؤكد على تفوق الجيش المصري على نظيره التركي في حال حدثت مواجهات مباشرة في ليبيا، ومنها ملاصقة الحدود المصرية للحدود الليبية، مما سيساعد في سرعة وصول القوات إلى داخل العمق الليبي، حيث يمكن الوصول إلى "درنة" خلال 12 ساعة، ويوم واحد فقط للوصول ل "سرت" ، بالإضافة إلى قرب وجود قواعد إدارية وذخيرة، وهو ما يمنح أفضلية للقوات المصرية عن التركية التي ستواجه طول خطوط الإمداد، كما يمكن إدخال أي عدد من الدبابات من الجانب المصري بعكس الجانب التركي، والذي سيحتاج لمراكب وأوناش تحميل. بذلك فإن اردوغان لو تقدم بالمرتزقة التي يبلغ عددهم 15 ألف إلى سرت أو الجفرة في محاولة للاستيلاء على حقول النفط ف مصر  ستتدخل عسكريا بناء على طلب من البرلمان الليبي المنتخب ولن تسمح بتجاوز خط سرت الجفرة.

ولكن الأوضاع في ليبيا لن تصل الى حد التدخل المباشر مع مرتزقة اردوغان لان هناك احتمالية كبيرة بدخول أطراف دولية فاعله مثل روسيا وفرنسا لإيقاف أردوغان عند حده، وعلى أردوغان أن يعي الرسائل بخطاب الرئيس السيسي جيدا لانه حتما سيصبح الطرف الخاسر ان استمر في الانسياق امام اطماعه في نفط ليبيا وصناعة دولة جديده للدواعش على الحدود الليبيه المصريه كما يحلم.

بذلك يمكننا ان نؤكد على ان الرسائل التي حملها خطاب الرئيس السيسي لجنودنا بالمنطقه الغربيه والحدوديه مع ليبيا تشمل عدة محاور اساسية على رأسها ان الجيش المصري جاهز دائما لحماية الامن القومي المصري، وان القيادة السياسية المصريه دائما ما تبدأ بتفعيل الحل السياسي رغم اي استفزازات خارجية حفاظا على ارواح ومقدرات الشعوب الأخرى واحتراما للتاريخ السياسي والعسكري المصري الذي لم يعتدي على اراضي الغير وكان داعما قويا لاستقرار المنطقة، وان مصر تعلم جيدا كافة المخططات الخبيثة الداخليه والخارجية التي تستهدف وحدة الشعب المصري واستقرار اراضيه ولن تسمح القوات المسلحة المصريه ان تكون المناطق الحدوديه معها ملجأ امن للتكفيريين والدواعش، لان مصر عام 2011 ليست هي مصر الان بقيادة الرئيس السيسي وبحماية جيش قوي لا ينحني الا لله وحده.

التعليقات