أبوالغيط: الدبلوماسية العربية تواجه تحديًا حقيقيًا

أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية ان الدبلوماسية العربية تواجه تحديًا حقيقيًا بالتصدي للهجمة الخطيرة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية منذ إعلان الإدارة الأمريكية عن قرار أحادي الجانب بالاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل سفارتها إليها مشيرًا إلى ان الجانبُ الأمريكي قد تخلى بهذا القرار وغيره من الإجراءات الأحادية عن حياده إزاء النزاع الأطول أمدًا في المنطقة. وقال أبو الغيط -في كلمته امام الجلسة الخامسة والختامية لدور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثاني للبرلمان العربي التي عقدت اليوم بالجامعة العربية- ان الولايات المتحدة صارت بذلك جزءًا من المشكلة بدلاً من أن تكون جسراً إلى الحل مشيرًا إلى أن عدد من القرارات الأمريكية المتتالية أسهم في إيصال رسالةٍ للجانب الفلسطيني والعربي بأن الولايات المتحدة لا تعبأ بقضية الفلسطينيين ولا تأبه لمعاناتهم الممتدة حتى إنها لم تجد غضاضة في تقليص إسهامها في موازنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من 350 مليون دولار، إلى 60 مليون دولار، وهو ما يهدد معيشة ما يقرب من ستة ملايين لاجئ فلسطيني يعتمدون على الوكالة في معيشتهم داخل الأراضي المحتلة وفي دول الجوار العربي فضلًا عن نصف مليون طفل فلسطيني قد لا يستطيعون مواصلة تعليمهم في سبتمبر القادم إن بقي الوضع على حاله. واشار ابو الغيط الى ان تأمل الوضع في قطاع غزة المُحتل، المحاصر من دولة الاحتلال منذ 12 عامًا، يدرك أن انفجار الأمور صار احتمالًا واردًا في كل لحظة مؤكدًا أن القضايا التي تواجه الأمة العربية في السنوات الأخيرة ضاغطة وخطيرة . وتابع قائلًا: أن العديد من بلادنا لا يعيش ظروفًا عادية وإنما حالة أزمة، مع التفاوت في حدة هذه الأزمات ومدى اتساعها وخطورتها وفي كل الأحوال فإن الأزمات لا تبقى محصورة في دولة أو إقليم جغرافي بعينه، وإنما تنعكس آثارها وتبعاتها على العالم العربي بمختلف شعوبه وعلى صورته لدى العالم الخارجي، وقدرته على حشد طاقاته وموارده من أجل البناء والتنمية. وأضاف انه رغم اتساع مساحة الأزمات وتعقد مسارات الحل وتفاقم الكُلفة البشرية والمادية لاستمرار الصراعات في بعض دول عالمنا العربي، فضلًا عن التحديات الأمنية الخطيرة التي ما زال يشكلها الإرهاب على استقرار المنطقة فلابد من تسليط الضوء على التحديات المُحدقة بالقضية الفلسطينية في هذا المنعطف الحاسم. وقال من يظن أن الأزمات العربية الراهنة هي فرصة لتمييع القضية الفلسطينية أو التغطية عليها أو تصفيتها مخطئٌ في قراءة المشهد، ومخطئٌ في فهم الرأي العام العربي مشددًا على ان القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم ولكنها قضية العرب كل العرب وستبقى كذلك إلى أن يجد هذا الصراعُ التاريخي حله العادل والشامل بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وأضاف أبو الغيط ان الشعب الفلسطيني علمنا دومًا أنه عصيٌ على الانحناء وغير قابل للتطويع أو الإخضاع، وأوضح انه منذ مظاهرات يوم الأرض في 30 مارس وإلى اليوم حصدت آلة البطش والعدوان الإسرائيلية ما يربو على 135 شهيدًا، وتُجري الجامعة العربية في هذه الأثناء الاتصالات اللازمة من أجل الإسراع بتشكيل لجنة تحقيق في الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة المحتل منذ 30 مارس الماضي. وأضاف ان الدول العربية تخوض معركة حقيقية على الصعيد الدبلوماسي من أجل تثبيت الحق الفلسطيني وضمان أن يبقى القرار الأمريكي معزولًا وغير قابل للتكرار أو الاستنساخ. ونوه بأن الجانب العربي نجح في استصدار قرار هام من الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 13 يونيو الماضي في شأن توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني موضحًا ان هذا القرارُ هو الأول من نوعِه في هذا الباب، ويُعد استكمالًا للقرار الذي كانت الجمعية العامة قد اعتمدته في ديسمبر الماضي في شأن القدس. وقال إن الإجماع العالمي، برغم ضغوط مكشوفة تُمارس هنا وهناك، ما زال صلباً وكاسحاً في تأييد الفلسطينيين لقد صوت على قرار الجمعية العامة في ديسمبر 128 دولة، وعلى قرار يونيو الماضي 120 دولة. وتابع قائلا: مع ذلك فإننا لا ينبغي أن نغفل عن ثغرات ينفذ منها الخصوم ليشقوا وحدة الصف ويضربوا قوة الإجماع هناك دولٌ نُراقب أنماط توصيتها على هذه القرارات، ونلمسُ في مواقفها قدرًا من التراجع أو التخاذل وليس سرًا أن 45 دولة امتنعت عن التصويت على قرار توفير الحماية الدولية للفلسطينيين في يونيو. وطالب البرلمان بالعمل بكلِ طريق على التواصل برلمانيًا مع هذه الدول. سواء تلك التي تتعرض للضغوط لتغير مواقفها أو تلك التي تُبدي النية لاستنساخ الخطوة الأمريكية غير القانونية بنقل السفارة إلى القدس. وقال إن دور البرلمانات حيويٌ في التأثير على الحكومات ونعتبر أن البرلمان العربي ذراعٌ رئيسية لمنظومة العمل العربي ونعوِّل كثيرًا على دوره في إيصال الصوت العربي إلى الفاعليات التمثيلية والشعبية والمجتمعية في مختلف دول العالم، ونعرف أن عددًا من البرلمانات في دول مختلفة قد بادرت إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وناشد أبو الغيط بالعمل على توسيع دائرة الاعتراف هذه والتأكيد على أن القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية مشددًا على أنه لا سلام من دون دولة فلسطينية مستقلة ولا دولة فلسطينية من دون القدس.

التعليقات