شكوك كثيرة تنتاب مفاوضات المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى التى تم الإعلان عن انطلاقها بوساطة مصرية ـ قطرية، بحضور وفدى إسرائيل وحماس، ومشاركة الولايات المتحدة الأمريكية.
المشكلة أن إسرائيل تريد أن تأخذ كل شىء »مقابل لا شىء«، هى تريد استرداد كل الأسرى، قبل أن تبدأ المفاوضات، وتريد القفز على جدول التفاوض الذى أعلنه الرئيس الأمريكى السابق بايدن، ووافقت عليه إسرائيل وبناء عليه تم إجراء مفاوضات المرحلة الأولى منه بنفس الجدول والمواعيد.
الاتفاق يشير إلى تمديد وقف إطلاق النار لحين التوصل إلى تنفيذ المرحلة الثانية التى بموجبها تنسحب إسرائيل بالكامل من قطاع غزة، وتعود إلى حدود ما قبل 7 أكتوبر 2023، لكى تبدأ المرحلة الثالثة بإعادة إعمار غزة، وعودة الأمور إلى طبيعتها.
إسرائيل تخترق اتفاق وقف إطلاق النار كل يوم، وتعمل جاهدة على إفشال المفاوضات، والعودة إلى الحرب من جديد فى تجاهل تام لكل القيم الإنسانية والقوانين والأعراف الدولية.
تشترط إسرائيل إقصاء حماس من قطاع غزة ورحيل قادتها، وفى نفس الوقت ترفض عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، وهو الأمر الذى يكاد يكون مستحيلاً لأن بديل حماس هو السلطة الفلسطينية، وعودتها إلى حكم القطاع أمر طبيعى كما كان يحدث قبل الانفصال اللعين عام 2007.
تستغل فى ذلك المأساة الكبرى بين الفلسطينيين حينما دب فيما بينهم صراع الإخوة الأعداء، وظهرت سلطتان واحدة فى الضفة الغربية بقيادة فتح والسلطة الفلسطينية والثانية فى غزة بقيادة حماس.
الآن تريد إسرائيل إعادة سيناريو بيروت عام 1982 حينما قامت بغزو لبنان، وإجبار منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات على الرحيل ومغادرة بيروت إلى تونس.
هم يحاولون الآن تكرار نفس السيناريو «الغبى» من خلال إجبار حماس وقادتها على مغادرة غزة خلال المرحلة الثالثة، لكنهم يرفضون أيضا عودة السلطة الفلسطينية حتى تكون غزة تحت الاحتلال الإسرائيلى فعليا وتقوم بضمها إلى إسرائيل.
المشكلة أن إسرائيل لا تتعلم، ولا تستوعب الدرس، وتكرر دائما سيناريوهات إشعال المنطقة، لأنها مهما حاولت إبعاد عناصر المقاومة، فسوف تظل المقاومة مستمرة كما حدث مع ياسر عرفات حينما غادر بيروت إلى تونس، لكنه عاد من تونس إلى الأراضى الفلسطينية.
التعليقات