برز اسم العالم المصري محمد ثروت حسن، أستاذ الفيزياء والعلوم البصرية في جامعة أريزونا، في السنوات الأخيرة كأحد أبرز العلماء المصريين المعاصرين الذين يسيرون على خطى الدكتور أحمد زويل، بفضل أبحاثه المبتكرة في مجال الأتو ثانية، أصبح حسن جزءًا من نخبة العلماء الذين يساهمون في إحداث ثورة علمية ذات تأثير واسع على مجالات متعددة.
ولد محمد ثروت حسن في محافظة الفيوم في مصر عام 1983. نشأ في بيئة بسيطة، لكنه أظهر منذ صغره شغفًا بالعلوم، مما دفعه إلى الالتحاق بكلية العلوم بجامعة القاهرة، حيث تخصص في الكيمياء. تخرج عام 2003، وبعد ذلك بدأ رحلته في البحث العلمي بالحصول على درجة الماجستير من نفس الجامعة في عام 2008.
بفضل تفوقه الأكاديمي، حصل حسن على منحة لدراسة الدكتوراه في معهد ماكس بلانك للبصريات الكمية في ميونخ بألمانيا، أحد أهم المراكز العلمية في العالم. هناك، عمل تحت إشراف العالم النمساوي فيرينس كراوس، الذي يعد من رواد مجال الأتو ثانية.
في عام 2013، حصل على درجة الدكتوراه، حيث كان موضوع أطروحته يتمحور حول توليد نبضات الليزر فائقة السرعة والتي تُقاس بوحدات الأتو ثانية.
بعد حصوله على الدكتوراه، أتيحت له فرصة العمل كباحث ما بعد الدكتوراه في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك)، حيث انضم إلى فريق البروفيسور أحمد زويل، العالم المصري الحائز على جائزة نوبل. في هذا الوقت، شارك حسن في أبحاث رائدة تهدف إلى تحسين تقنيات الفيمتو ثانية التي كان زويل قد طوّرها في تسعينيات القرن الماضي.
خلال هذه الفترة، لم يكتسب حسن فقط معرفة متقدمة في مجال البصريات الكمية، بل اكتسب أيضًا رؤية جديدة نحو كيفية تطوير تقنيات التصوير المجهرية لتصبح أسرع وأكثر دقة، مما ساعده لاحقًا في تحقيق إنجازاته المبهرة.
في عام 2017، انتقل محمد ثروت حسن إلى جامعة أريزونا بالولايات المتحدة، حيث شغل منصب أستاذ مساعد في الفيزياء والعلوم البصرية. وفي عام 2023، تمت ترقيته إلى أستاذ مشارك في نفس الجامعة، وهو اعتراف بقدراته البحثية وتفوقه الأكاديمي.
تتركز أبحاث محمد ثروت حسن على دراسة حركة الإلكترونات داخل المواد باستخدام تقنيات التصوير بالأتو ثانية. ومن بين أبرز إنجازاته هو تطوير ميكروسكوب إلكتروني يمكنه تصوير حركة الإلكترونات بدقة تصل إلى 625 أتو ثانية. هذا الابتكار يعد نقلة نوعية في مجال البصريات الكمية، حيث يتيح للعلماء رؤية التفاعلات الكيميائية والتغيرات الطفيفة في المواد في زمن قياسي.
في بحثه الأخير، الذي نُشر في دورية "Science" في أغسطس 2024، تمكن حسن من تصوير حركة الإلكترونات بين ذرات الكربون في مادة الجرافين، وهو إنجاز يُعتبر مقدمة لثورة علمية جديدة. هذه التقنية لا تقتصر على مجرد تحسين قدرات التصوير، بل تحمل تطبيقات واسعة النطاق في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فضلاً عن تحسين تقنيات الطب والتشخيص.
لقد لفتت إنجازات محمد ثروت حسن الأنظار في المجتمع العلمي الدولي، وحصل على العديد من الجوائز التي تعترف بجهوده. من بين هذه الجوائز:
زمالة معهد ماكس بلانك عام 2009.
جائزة مؤسسة جوردون وبيتي مور عام 2018، تقديرًا لإسهاماته المتميزة في الفيزياء.
جائزة الباحثين الشباب عام 2019، التي تُمنح للباحثين الذين يظهرون إمكانيات بحثية استثنائية في بداية مسيرتهم.
جائزة منظمة "M.W. Keck" البحثية للعلوم والهندسة في عام 2019، التي تُمنح للمشاريع البحثية التي تتسم بالابتكار والإبداع.
الأبحاث التي يقوم بها محمد ثروت حسن ليست مجرد خطوات علمية متقدمة، بل تفتح أبوابًا جديدة للبحث والتطوير في مجالات متعددة. فمثلاً، تقنيات الأتو ثانية التي يطورها تتيح رؤية أعمق لحركة الإلكترونات داخل المواد، مما يمكن أن يؤدي إلى ابتكارات في تصميم مواد جديدة ذات خصائص محسنة. في الطب، يمكن لهذه التقنيات أن تسهم في تطوير طرق جديدة لتشخيص الأمراض وعلاجها بدقة أكبر.
التعليقات