غزة الثانية فى الطريق

غزة الثانية فى الطريق

عبدالمحسن سلامة

المؤكد أن نيتانياهو فقد عقله، وبات أقرب إلى المدمن للقتال، وسفك الدماء، لأنه يعرف أن ذلك هو طريقه الوحيد للبقاء والاستمرار، وللأسف الشديد لا تزال الحماية الأمريكية كاملة وغير مسبوقة لتصرفاته رغم أنه - وكما وصفه الرئيس السابق ترامب قبل ذلك - «ناكر للجميل»، وهو يفعل الآن نفس «اللعبة» مع إدارة بايدن، فهو لا يكتفى بما أخذه من أسلحة ومعدات ومعلومات وأموال ليس لها حدود، ولكنه يبتز بايدن وإدارته ويطالبه بالمزيد.

للأسف الشديد تخضع له الإدارات الأمريكية دائما سواء السابقة أم الحالية، وتحقق له كل طلباته وأحلامه، بدلا من مواجهته، والانحياز إلى السلام والحق والعدل.

لكل ذلك فقد خرج الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يوم الجمعة الماضي، وأمام حشد من الصحفيين ليحذر من غزة جديدة، ولكن هذه المرة فى لبنان، قائلا: «وجدت نفسى مضطرا للإعراب عن مخاوفى بشأن التصعيد بين إسرائيل وحزب الله على طول الخط الأزرق»، مشيرا إلى أن هناك تصعيدا فى تبادل إطلاق النار، والخطاب العدائى بين الجانبين، كما لو أن حربا شاملة أصبحت أمرا وشيكا.

الأمين العام حذر من اتساع رقعة الصراع فى الشرق الأوسط، وأن إساءة تقدير واحدة كفيلة بحدوث كارثة تتخطى الحدود، مؤكدا أن شعوب المنطقة والعالم لا يمكنها تحمل أن يصبح لبنان غزة أخرى.

المشكلة الآن تكمن فى موقف الإدارة الأمريكية التى لا تزال تراوح مكانها بشأن وقف القتال فى غزة، وتكتفى بإلقاء التهم على حماس والمقاومة، وكأن الحرب داخل الأراضى الإسرائيلية، وليست داخل قطاع غزة المحتل، ومن الطبيعى أن قوات الاحتلال هى التى توقف الحرب وتنسحب من الأراضى المحتلة، وليست المقاومة التى تدافع عن أراضيها المحتلة.

خطوة لبنان قد تشعل الإقليم كله بنيران ليس لها حدود سوف تكوى المنطقة والعالم بنيرانها، والمؤكد أن الإدارة الأمريكية سوف تلجأ إلى نفس أسلوب إدارتها للأزمة فى غزة، وتكتفى بالتصريحات وأنها لا تريد التصعيد، وتنصح إسرائيل بعدم الدخول فى مغامرة جديدة فى لبنان، لكنها فى الوقت نفسه تقدم لجيش الاحتلال كل ما يلزم وتعوضه عن خسائره وتمده بكل ما يطلب من أشكال الدعم العسكرى والاقتصادى والسياسى.

أتمنى أن يكون هناك موقف عربى أكثر صرامة مع الولايات المتحدة الأمريكية فى دعمها اللامحدود لدولة الاحتلال الإسرائيلى على حساب الحقوق العربية المشروعة.

ليس المطلوب عقد قمة عربية جديدة، ولكن المطلوب موقف عربى قوى وموحد من العدوان الإسرائيلي، ومن كل الدول الداعمة لهذا العدوان، ليرفعوا أيديهم عن إسرائيل، وتتوقف الحرب فى غزة، ويتم تجنيب المنطقة كلها حربا شاملة لا أحد يعلم مداها.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات