«عض الأصابع» فى الدواء

«عض الأصابع» فى الدواء

عبدالمحسن سلامة

منذ فترة يشهد سوق الدواء حالة من حالات «عض الأصابع» بين الحكومة وشركات الدواء، حيث قامت بعض شركات الأدوية بتخفيض إنتاجها من بعض الأصناف، والبعض منها أوقفت الإنتاج تماما فى بعض الأصناف الأخرى من أجل الضغط على وزارة الصحة لرفع أسعار هذه الأصناف.

الشركات تتذرع بارتفاع أسعار الخامات مع بدء تحرير سعر الصرف، ونفاد المخزون من المواد الخام الذى كان موجودا لديها بالأسعار القديمة، فى حين ترى وزارة الصحة أن الأسعار المقدمة من تلك الشركات «مغالى» فيها، وأن الوضع الاقتصادى الآن أكثر استقرارا، وأن هناك وفرة فى المعروض من الدولار، ولا توجد مشكلة كما كان يحدث من قبل.

علمت أن هناك مفاوضات ماراثونية قد جرت خلال الفترة الأخيرة، وقد نجحت هذه المفاوضات فى التوصل إلى حلول مع شركات الأدوية لإعادة دوران عجلة إنتاج الأصناف «الناقصة» وكذلك «المختفية» من الصيدليات.

أتمنى أن تكون تلك المفاوضات قد راعت حالة الارتفاع الجنونى فى أسعار الأدوية خلال الفترة الأخيرة التى قفزت فيها بعض الأسعار إلى أكثر من عدة أضعاف أحيانا، ويكفى أن نعرف أن هناك دواء للغدة هو دواء «التروكسين» كان يباع بسعر 9 جنيهات، وارتفع سعره إلى 86 جنيها أى ما يقرب من 10 أضعاف، وما حدث فى دواء الغدة حدث فى باقى الأدوية، وأن اختلفت درجات الزيادة بدرجة أقل أو أكثر.

كان الرئيس عبدالفتاح السيسى سابقا لعصره حينما أطلق مشروع التأمين الصحى الشامل، وبدأ فى تطبيقه فى مرحلته الأولى لأنه الضمانة الوحيدة للقدرة على تلقى العلاج بعد أن زادت أسعار الخامات الدوائية والأدوية المستوردة عالميا، ولم يعد هناك سوى شريحة محدودة جدا فى مصر كما فى العالم كله قادرة على تلقى العلاج بمعرفتها لاستحالة ذلك اقتصاديا، ومن هنا كان نظام «أوباما كير» فى الولايات المتحدة، الذى أطلقه الرئيس الأسبق أوباما، وكان نظام التأمين الصحى الشامل الذى أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مصر، والذى يستحق أن يطلق عليه أيضا «السيسى كير»، كما حدث فى النظام الأمريكي.

لكن حتى يتم استكمال نظام التأمين الصحى الشامل فلابد أن تراعى الحكومة أن هناك فئات كثيرة لا تزال غير خاضعة لنظام علاجي، وأن تكلفة «الروشتات» الطبية أصبحت فوق طاقة العديد من المرضي.

من هنا يجب التوصل إلى رؤية متوازنة فى هذا المجال بما يضمن حفظ حقوق شركات الأدوية فى تغطية تكاليف إنتاجها، وفى الوقت نفسه عدم المغالاة فى الأسعار بما يتماشى مع قدرة المواطن غير الخاضع للأنظمة التأمينية العلاجية المتعددة حاليا، وحتى يتم استكمال منظومة التأمين الصحى الشامل، الذى يضمن تغطية كل فئات وأفراد المجتمع بشكل كامل وغير مسبوق.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات