استكمالا لحديث الأمس عن «الأسعار وألاعيب التجار» فقد لفت انتباهى حملات المقاطعة الشعبية التى انطلقت لمقاطعة بعض السلع التى زادت أسعارها بطريقة جنونية ولافتة.
بدأت حملات المقاطعة من بورسعيد، حيث تبنى أهالى مدينة بورسعيد الباسلة حملة مقاطعة للأسماك، بسبب ارتفاع أسعارها الهائل وغير المسبوق، رغم ان بورسعيد موطن رئيسى للأسماك كونها مدينة ساحلية تطل على شاطئ البحر المتوسط، وقناة السويس، بالاضافة إلى انتشار المزارع السمكية بالقرب منها.
انطلقت حملة مقاطعة الأسماك من هناك وامتدت إلى المدن الأخرى الساحلية مثل الإسماعيلية، والإسكندرية، ودمياط، والسويس، كما امتدت إلى باقى أنحاء الجمهورية، مما أدى إلى حدوث خفض نسبى وتراجع فى أسعار الأسماك غير المجهزة خارج المحال والمطاعم كبداية لامتداد خفض الأسعار إلى المطاعم والمحال التى تقدم الأسماك جاهزة.
نجاح حملة مقاطعة الأسماك، وانخفاض أسعارها بنسب تتراوح من 10 إلى 20٪ شجع العديد من المواطنين على تبنى حملات أخرى لمقاطعة بعض السلع التى ارتفعت أسعارها بشكل غير منطقي، ولم تعد إلى حالتها الطبيعية رغم استقرار الأوضاع الاقتصادية حاليا.
حملات مقاطعة السلع ليست جديدة شعبيا ورسميا، حيث كان الرئيس الراحل أنور السادات أول رئيس يصدر قرارا بحظر بيع وتداول اللحوم بكل أشكالها بعد ارتفاع أسعارها بشكل جنونى بحسب أسعار تلك الفترة، ونجحت الخطة وعادت الأسعار إلى سابق عهدها قبل قرار الحظر، أما المقاطعة الشعبية فلها سوابق كثيرة، وفى اعتقادى أنها أفضل جدًا من القرارات الرسمية، لأن القرارات الرسمية ينتج عنها «سوق سوداء»، و«تجارة سرية» لمن يستطيع، أما المقاطعة الشعبية فهى اختيارية، وتأثيرها أوسع نطاقا، وأكثر تأثيرا.
إلى جوار حملات المقاطعة للأسعار الاستفزازية هناك مبادرات من بعض التجار لخفض الأسعار، وقد اتصل بى عدد من القراء يؤكدون وجود مبادرات لبعض التجار فى بعض المناطق لعرض المنتجات بأسعار «معقولة»، خاصة السلع الاستهلاكية مثل الزيت، والسكر، والأرز، كما أن هناك بعض «الجزارين» قاموا بالإعلان عن مبادرات لخفض أسعار اللحوم بعد انخفاض أسعار الأعلاف فى الفترة الأخيرة.
اعتقد أنه من المهم أن تقوم وزارة التموين، والمحافظات، والجهات الرقابية بتشجيع تلك المبادرات، ودعمها معنويا على الأقل، والإعلان عنها، من خلال قيام ممثل وزارة التموين، أو المحافظة المعنية بزيارة أصحاب هذه المبادرات ودعمهم، وتشجيعهم بما يؤدى إلى اتساع نطاق تلك المبادرات، لتعود المنافسة بين التجار على عرض السلع «الأرخص» و«الأجود» بشكل طبيعي، كما كان يحدث قبل الأزمة الأخيرة.
إلى جوار ذلك، أتمنى استمرار معارض ومبادرات السلع على طريقة معارض «أهلا رمضان»، ومن الممكن أن تكون هناك معارض «أهلا عيدالأضحى» أو «أهلا عيد شم النسيم»، وهكذا لتكون تلك المعارض منافذ مستمرة طوال العام تقدم السلع الأرخص والأجود بهامش ربح معقول بعيدا عن المغالاة وجنون الأسعار الحالى.
التعليقات