بعيدًا عن القروض والإعانات

بعيدًا عن القروض والإعانات

عبدالمحسن سلامة

القروض ليست جريمة، ولا دعم أو إعانات الأشقاء خطًأ، فالقروض موجودة فى كل الدنيا، وربما تكون أمريكا، ذات الاقتصاد الأقوى عالميا، هى أكبر الدول المُحملة بالقروض، فلا مشكلة فى ذلك، لكن الأفضل من هذا أو ذاك أن تكون قدرات وموارد الدولة الذاتية هى المصدر الرئيسى للتنمية، وهو ما حدث فى مشروع رأس الحكمة.

مشروع رأس الحكمة نموذج عملى لموارد وقدرات مصر الذاتية الهائلة التى فى صفقة واحدة نجحت فى أن تبلغ عوائدها 35 مليار دولار

كان الحديث عن 10 أو 12 مليار دولار كحد أقصى من صندوق النقد لسد الفجوة التمويلية، لكننا الآن أمام تدفق دولارى مباشر على مدى شهرين يبلغ 24 مليار دولار، بالإضافة إلى خفض الديون بمبلغ 11 مليار دولار، بعد تحويل ودائع دولة الإمارات العربية الشقيقة إلى الجنيه المصرى، وإدخالها ضمن الصفقة..

مزايا هذه الصفقة عديدة من حيث التوقيت، أو الظروف، أو الحجم

من حيث التوقيت، والظروف فقد جاءت فى توقيت صعب، ومُعقد على جميع دول العالم بلا استثناء، بسبب ما يشهده العالم من اضطرابات، وحروب وفوضى، وتوترات أسهمت فى «إنهاك» الاقتصاد المصرى، و«أربكت» حساباته مثله مثل غيره من الاقتصادات العالمية

كل هذا أوجد ظروفا صعبة، ومعقدة أسهمت فى هروب رءوس الأموال إلى الاقتصادات القوية، التى بدورها رفعت أسعار الفائدة لجذب المزيد منها، وتركت الاقتصادات الضعيفة تعانى أكثر وأكثر.

جاءت صفقة رأس الحكمة الاستثمارية الكبرى لتعيد التوازن إلى الاقتصاد المصرى، وتضع حدا للقلق، والتوتر النفسى فى الأسواق وتعيد الثقة إلى قدرات الاقتصاد المصرى فى تجاوز أزماته الطارئة.

صحيح كانت هناك مشكلة اقتصادية، لكن محاولات استغلالها من «محور الشر» فى الخارج والداخل، للأسف، زادتها تعقيدا، وتهويلا، وألقت بظلال نفسية سيئة على المواطنين، ومن هنا جاءت الصفقة بضخامتها، وحجمها غير المسبوق لتُنهى حالة القلق لدى الكثيرين، وتعيد الثقة إلى قدرات الاقتصاد المصرى الذاتية، وتُنهى المضاربات تمهيدا لتفكيك الاحتكارات، فى كل السلع والخدمات، بلا استثناء، سواء أكانت سلعا غذائية أو معمرة، وكذلك معدات البناء، والتشييد.. وغيرها من المنتجات.

أعتقد أن ما حدث فى سوق الدولار أكبر تأكيد على الجزء النفسى فى الأزمة الاقتصادية، حيث تهاوى سعر الدولار فى السوق السوداء بأكثر من 25 جنيها حتى الآن، وتراجع سعر الذهب لأكثر من 300 جنيه فى نحو 72 ساعة، والمؤكد أن البقية سوف تأتى خلال الأيام المقبلة، لتكون بداية النهاية لتلك المشكلات إلى الأبد، إن شاء الله.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات