سيذكر التاريخ بكل فخر دولا وشعوبا ومسئولين ومفكرين وإعلاميين وأشخاصا عاديين اختاروا ان يقفوا إلى جانب الحق وضد الظلم والعدوان، ليس بالكلام فقط وإنما بالمواقف أيضا.
سيسجل التاريخ ان مصر اول دولة حذرت وتحركت ورفضت على لسان رئيسها (تصفية القضية الفلسطينية) وقادت اصطفاف عالمي ضد التهجير القسري للفلسطينيين، وأصرت على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة قبل خروج الأجانب منها، كما سيجل أيضا موقف #جنوب_افريقيا وهي ليست دولة عربية ولا إسلامية ولا حتى جارة لفلسطين ومع ذلك رفعت دعوى ضد إسرائيل في #محكمة__العدل_الدولية، لوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الاسرئيلي في غزة.
ورفضت الضغوط التي مارستها اسرائيل عليها، وهوما اعلنه نائب وزير خارجية جنوب أفريقيا ألفين بوتس الذي قال في حديث عبر تلفزيون فلسطين: "نحن لا نخضع لإملاءات أحد ولا تخيفنا العقوبات، ولا يمكن لأحد أن يشتري صوت جنوب إفريقيا بالمال، ولن يتمكن أحد من مصادرة حقنا بالتضامن مع الشعب الفلسطيني، .. توجهنا للمحكمة لأننا نريد أن نكون في الجانب الصحيح من التاريخ".
لم يكن ذلك موقفا عابرا وإنما نهجا سار عليه أبناء مانديلا حيث كانت جنوب افريقيا من أوائل الدول التي سحبت سفيرها وجميع دبلوماسييها من إسرائيل احتجاجا على الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة.هذ الموقف عبر عنه شعب جنوب إفريقيا بصور عديدة منها تصويت برلمان، بالإجماع في نوفمبر الماضي على إغلاق السفارة الإسرائيلية هناك،واستقبال أبناء الشعب الجنوب أفريقي بحفاوة في مطار «جوهانسبرج»، الوفد القانوني الذي كان يترافع أمام محكمة العدل الدولية. وخلال الأيام القليلة الماضية اختارت نيكاراجوا التي تقع في أمريكا الوسطى ان تقف في الجانب الصحيح من التاريخ حيث انضمت الى قضية جنوب أفريقيا المرفوعة بمحكمة العدل الدولية ضد إسرائيل.
هذا الحرص على الوقوف "في الجانب الصحيح من التاريخ" عبر عنه كثير من الشخصيات الفكرية والسياسية والحقوقية والأدبية والفنية والرياضية، وتعج شبكات التواصل الاجتماعي بالعديد من الشهادات والمواقف التي أعلنت إدانتها لإسرائيل وطالبت بوقف الابادة الجماعية في غزة، بدءا من اعلى منصب بالعالم وهو الأمين العام للأمم المتحدة وحتى اصغر موظف في الوكالة الأممية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
ولعل أغرب وأطرف هذه المواقف هو امتناع تجار المخدرات بالمغرب عن بيع او تهريب الحشيش للتجار الإسرائيليين، تضامنا مع اهل غزة!! ومع تحفظنا على هذه التجارة ايا كانت دوافعها، فإن رسالتهم تقوا انه حتى تجار المخدرات خجلوا من ألا يقفوا في الجانب الصحيح من التاريخ.
ويمكن للنقابات المهنية والعمالية واتحادات الإعلاميين والصحفيين والمحامين والأطباء على المستويين العربي والإسلامي وغيرهم ان يتخذوا مواقف يسجلها التاريخ في الجانب المضيء ، فمثلا لماذا لا يبادر اتحاد الصحفيين العرب بتقديم طلب إلى الهيئات والاتحادات الدولية المعنية بالإعلام والصحافة لتجميد عضوية إسرائيل ومعاقبتها بسبب قتلها لاكثر من 130 صحفيا وإعلاميا خلال عدوانها الجاري على غزة وتدمير منازلهم وقتل عائلاتهم؟. فضلا عن اعتقال عشرات الصحفيين، فقد رصدت نقابة الصحفيين الفلسطينيين، في شهر يناير الماضي ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي لـ135 جريمة وانتهاكا بحق الحالة الصحفية الفلسطينية.ولا يزال نحو 35 صحفيا معتقلا في سجون الاحتلال. ولماذا لا تبادل الهيئات والنقابات الطبية واتحاداتها بالدول العربية والإسلامية الى المطالبة بتجميد عضوية إسرائيل في الهيئات الطبية الدولية ومعاقبتها في المحافل الدولية بسبب قتلها للطواقم الطبية وطواقم الاسعاف واستهداف المستشفيات وهي جرائم جنائية حسب القانون الدولي. وجرائم حرب بحسب المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ويمكن لاتحادات النساء والهيئات والمنظمات المعنية بالمرأة والطفل في الدول العربية والإسلامية ان تقوم بمبادرات مماثلة ضد اسرائيل في المنظمات الدولية ومنها هيئة الأمم المتحدة للمرأة اليونسيف بخاصة وان 70% من ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة الذين تجازوا 28 الف شهيدا، و68 الف مصابا من النساء والأطفال. ويمكن للهيئات والمؤسسات العربية والإسلامية التي تعمل بمجال المساعدات الإنسانية، والهيئات الحقوقية أن تقوم بمبادرات مماثلة لمعاقبة إسرائيل في الهيئات الدولية ذات الصلة. لدينا فرص عديدة لنكون في الجناب الصحيح من التاريخ بالأفعال لا بالأقوال.. فهل نفعل؟!
التعليقات