قال صندوق النقد الدولي في تقرير عن الاقتصاد المصري وبرنامج الحكومة الإصلاحي اليوم الثلاثاء، إن أهداف برنامج القرض المصري ”لا يزال من الممكن تحقيقها“ رغم تغير في مساره بسبب هبوط الجنيه أكثر من المتوقع.
واتفقت مصر في نوفمبر العام الماضي على برنامج قرض من صندوق النقد مدته ثلاث سنوات بقيمة 12 مليار دولار مرتبط بإصلاحات اقتصادية طموحة تشمل خفض الإنفاق وزيادة الضرائب للمساعدة في إنعاش الاقتصاد الذي كان الدعم يشكل نحو 25 بالمئة من إنفاق الدولة. وأُفرج عن الشريحة الأولى بقيمة أربعة مليارات على دفعتين.
وتخلت مصر في الثالث من نوفمبر الماضي، عن ربط سعر صرف الجنيه بالدولار الأمريكي في خطوة مفاجئة حينها أدت منذ ذلك الحين إلى هبوط العملة المصرية بنحو النصف تقريبا.
وقال سوبير لال رئيس بعثة صندوق النقد إلى مصر في مؤتمر صحفي للصندوق عن مصر عبر الإنترنت ”تحرير سعر الصرف كان ضروريا لمعالجة نقص العملة (الأجنبية) السوق الموازية اختفت“.
وأغلق البنك المركزي المصري العشرات من شركات الصرافة على مدى العامين الماضيين في وقت كانت تعاني في البلاد شحا شديدا في العملة الصعبة وتركزها في شركات الصرافة التي كانت تضارب بها وتبيعها في السوق السوداء لمن يحتاج إليها من رجال الأعمال والمستوردين.
غير أن المركزي والبنوك العاملة في البلاد باتت تتمتع بوفرة في السيولة الدولارية نتجت عن بيع الأفراد ما بحوزتهم عندما كانت هناك مخاوف لبعض الوقت من تراجع سعره وعن تحويلات المصريين في الخارج وشراء مكثف من المستثمرين الأجانب لأدوات الدين المصرية وسط ارتفاع أسعار الفائدة وكذلك نتيجة للتعافي الجزئي لإيرادات السياحة.
وقال لال ”هناك حرية في السوق والسعر مستقر الآن، موقف السياسة النقدية في مصر ملائم حتى الآن...أهداف برنامج القرض المصري لا يزال من الممكن تحقيقها لكن المسار تغير بسبب انخفاض الجنيه أكثر من المتوقع“.
وتنفذ حكومة مصر إصلاحات اقتصادية منذ نهاية 2015 سعيا لإنعاش الاقتصاد شملت زيادة أسعار الطاقة والدواء وتحرير سعر الصرف وإقرار قوانين جديدة للاستثمار والخدمة المدنية وتعديلات على قانون ضريبة الدخل وإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة والموافقة مبدئيا على قانون للتفليسات.
وقال الصندوق في تقريره عن البرنامج “مصر حققت بداية طيبة في برنامج الإصلاح الذي يدعمه الصندوق على الرغم من أنها طلبت إعفاء من بعض الأهداف في يونيو وشهدت انخفاضا أكبر من المتوقع في قيمة العملة.
”مصر تسترد ثقة السوق كما بدأ تزايد التدفقات الرأسمالية. وكل ذلك يبشر بنمو مستقبلي إيجابي، تخفيض التضخم هو الأولوية الآنية بالنسبة للسلطات، حيث يشكل خطرا على الاستقرار الاقتصادي الكلي“.
وهبطت المؤشرات الرئيسية للتضخم في مصر في أغسطس آب من أعلى مستوياتها في عقود التي سجلتها في يوليو تموز حينما ارتفعت أسعار الطاقة في إطار إصلاحات يدعمها صندوق النقد الدولي.
وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مطلع سبتمبر أيلول إن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 31.9 بالمئة على أساس سنوي في أغسطس من 33 بالمئة في يوليو تموز.
وتوقع لال في المؤتمر الصحفي أن يصل التضخم في مصر إلى أعلى قليلا من عشرة بالمئة بنهاية السنة المالية الحالية 2017-2018 التي تنتهي بنهاية يونيو المقبل، على أن يصل إلى معدل في خانة الآحاد بنهاية مدة البرنامج البالغة ثلاث سنوات.
وتأتي توقعات رئيس بعثة الصندوق إلى مصر متوافقة مع توقعات وزير المالية المصري عمرو الجارحي بأن يتراجع التضخم إلى أقل من 15 بالمئة بنهاية السنة المالية الحالية.
وقال البنك المركزي إن التضخم الأساسي، الذي يستثني سلعا مثل الأغذية بسبب التقلبات الحادة في أسعارها، انخفض إلى 34.86 بالمئة في أغسطس من 35.26 بالمئة.
وتوقع صندوق النقد في تقريره أن يتراجع العجز في ميزان المعاملات الجارية للبلاد إلى 4.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2017-2018 وإلى 3.8 بالمئة في 2018-2019.
وقال إن من المتوقع أن يصل عجز الموازنة الأولي إلى 1.8 بالمئة من الناتج المحلي وهو ما يتجاوز المستوى المستهدف في البرنامج والبالغ واحد بالمئة.
وتراجع العجز الكلي للموازنة إلى 10.9 بالمئة في 2016-2017 من 12.5 بالمئة في 2015-2016 وتتوقع الحكومة أن يهبط العجز إلى 9.1 بالمئة في السنة المالية الحالية.
وقال الصندوق إن الفجوة التمويلية في موازنة مصر لسنة 2017-2018 تبلغ ملياري دولار بعد أحدث دفعة من القرض وإن الحكومة لديها تطمينات بشأن تدبير التمويل لتلك الفترة.
وتتوقع مصر أن يصل معدل النمو الاقتصادي إلى ما بين 5.00 و5.25 بالمئة في السنة المالية الحالية 2017-2018 بدلا من 4.6 بالمئة في توقعاتها السابقة.
وقال لال ردا على سؤال في المؤتمر يوم الثلاثاء عن موعد الدفعة الثالثة من قرض الصندوق لمصر ”الدفعة الثالثة تتوقف على المراجعة الثانية قبل نهاية ديسمبر، الدفعة الجديدة تصل إلى ملياري دولار“.
التعليقات