مازال هناك البعض من الكتاب والمفكرين والسياسيين العرب ممن يخلطون المواقف فى قضية الحرب على غزة، وتحميل المقاومة الفلسطينية المسئولية عن بدء اشتعال الموقف، وهو ما يشير إلى مواقف «مأزومة»، و«مهزومة»، من هؤلاء ربما تكون بحسن نية بسبب تعقيد مواقف الصراع العربى - الإسرائيلى منذ ٧٥ عاما حتى الآن، بدون أفق محدد للخروج من هذا المستنقع اللعين.
بعض من هؤلاء راجعوا مواقفهم بعد أن تأكدوا من عدوانية إسرائيل، وسلوكها الهمجى، وعقيدة جيشها الفاشية، والبعض الآخر مازال «حائرا» ما بين التعاطف مع الشعب الفلسطيني، وما بين القبول بالأمر الواقع والدعوة إلى الإستسلام له، والتعاطى معه حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، والاكتفاء بما هو متاح، وما تجود به إسرائيل.
مشكلة هؤلاء فى اعتقادى أنهم لم يقرأوا التاريخ جيدا، ولم يدققوا فى سلوكيات إسرائيل منذ قيامها عام ١٩٤٨، ولم يفتشوا بدقة فى عقيدة الجيش الإسرائيلى القائمة على العدوان، والتوسع وارتكاب المذابح، وقتل النساء والأطفال، والعجائز، والماشية، وقد تحدث نيتانياهو «بوقاحة» عن ذلك فى خطابه العلنى أمام الكنيست حينما شبه الفلسطينيين بالعماليق.
لم نسمع أن أى ديانة سماوية أو غير سماوية تطالب بقتل النساء والأطفال، والعجائز، والماشية، وإبادة البشر والحجر إلا داخل حكومة نيتانياهو المتطرفة والإرهابية، وهى أفكار تقوم عليها دولة إسرائيل بعد أن تبنتها الجماعات الإرهابية اليهودية ضد الفلسطينيين قبل عام 1948، ثم تطور الموقف، وأصبح ذلك جزءا أساسيا من العقيدة العسكرية الاسرائيلية.
اشتركت إسرائيل فى العدوان الثلاثى على مصر عام ١٩٥٦، وكان الأولى بها أن تصمت على الأقل «كحق للجيرة» وإظهار الرغبة فى مد اليد بالسلام لمصر لكنها شاركت فى العدوان، ثم قامت بعد ذلك بعدوانها الغادر في 1967 دون أن تبدأ مصر أو أى دولة عربية بالعدوان عليها، لكنها عقيدة العدوان، والتوسع، والاحتلال، التى تحرك بموجبها الجيش النازى الإسرائيلى المعتنق لفكر العماليق والإبادة لكل من يخالفه، فكانت حرب 1967.
هل كان على مصر والعرب الصمت أمام هذا العدوان وعدم الرد على هذا العدوان فى حرب 6 أكتوبر المجيدة انتظارا لما تجود به إسرائيل.
٦ سنوات كاملة حتى حرب أكتوبر 1973، خاصة بعد أن فشلت خلالها كل محاولات الحل السلمى، ولم تنسحب إسرائيل إلا بعد تحقيق نصر أكتوبر المجيد.
منذ اتفاقية السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى ماذا قدمت إسرائيل من خطوات لتحقيق السلام العادل، والدائم للفلسطينيين سوى «الكلام المعطوب» والأفكار الوهمية (السلام مقابل السلام)، وكلام يفتقد إلى أدنى قواعد العقل والمنطق.
المؤكد أن المشكلة كانت، وماتزال في إسرائيل وليس «المقاومة» بأى حال من الأحوال.
نقلا عن جريدة الأهرام
التعليقات