من يريد أن يتيقن من عدوانية إسرائيل، ونازيتها، وعدم رغبتها فى السلام، وتآمرها؛ وأن القصة لا تتعلق بما حدث فى 7 أكتوبر وإنما هو مجرد شماعة لتلك العقلية النازية عليه أن يذهب إلى حِقبة الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات الذى قام بالتوقيع على اتفاقيات «أوسلو»، واعترف بدولة إسرائيل، ورأس أول سلطة فلسطينية فى مقرها برام الله.

جاء شارون إلى الحكم فى إسرائيل ليرفض كل قرارات الشرعية الدولية، ويقوم بمجزرة شبيهة بالمجزرة التى تحدث هذه الأيام فى غزة، وإن كانت أقل حدة، ونازية منها، لكن الهدف واحد، وهو إجهاض حلم قيام الدولة الفلسطينية، وتهجير الشعب الفلسطينى، وذبحه.

اتصل بى الزميل العزيز أسامة عجاج، الصحفى الكبير بـ«الأخبار»، تعقيبا على ما كتبته قبل ذلك عن حصار ياسر عرفات منذ أكثر من ٢٠ عاما، وقيام العدو الإسرائيلى بالممارسات نفسها التى يقوم بها هذه الأيام ضد الشعب الفلسطينى، ثم أرسل لى حوارا متميزا أجراه مع الرئيس الفلسطينى، ونشرته مجلة «آخر ساعة» فى عددها الصادر بتاريخ ١٦ أكتوبر ٢٠٠٢ أى منذ 21 عاما.

الحوار كان انفرادا رائعا قام به الزميل الأستاذ أسامة عجاج، لعلاقته الطويلة، والممتدة بالزعيم الفلسطينى ياسر عرفات، بعد أن نجح فى الوصول إلى المقر المحاصر بعد مشقة وعناء.

قرأت الحوار بعناية، وتوقفت أمامه طويلا لأنه حوار «كاشف»، بمعنى أنه يؤكد أن العدوان الإسرائيلى على الفلسطينيين دائم، ومتكرر، ولا تتعلق الأزمة بفصيل بعينه، وإنما هى سياسة دائمة، ومستمرة لجيش الاحتلال الإسرائيلى، ومحاولاته التى لا تتوقف عن الضغط على الفلسطينيين لإجبارهم على النزوح، والتهجير القسرى، أو الوقوع تحت مِقصلة الإبادة الجماعية المنظمة، رغم فشل كل تلك المحاولات من قبل.

رفض ياسر عرفات النزوح قائلا «لن يأخذونى أسيرا، أو طريدا، ولكن شهيدا.. شهيدا.. شهيدا»، موضحا عقيدة الفلسطينيين التى لا تتزعزع فى عدم ترك أرضهم، وديارهم مهما تكن التكلفة.

حكى الزعيم الفلسطينى الراحل تفاصيل الانتفاضة الفلسطينية التى أشعلها شارون حينما اقتحم المسجد الأقصى، وإعلانه رفض اتفاقيات «أوسلو»، وقيام القوات الإسرائيلية باقتحام الأراضى الفلسطينية فى الضفة الغربية، وحصار قطاع غزة بالدبابات، والمجنزرات، والبوارج البحرية، وطائرات الهليكوبتر، وتقسيم القطاع إلى خمسة كانتونات لإذلال السكان فيه.

تفاصيل كثيرة كاشفة جاءت فى هذا الحوار المتميز، وكلها تؤكد المؤامرة الإسرائيلية الخبيثة، وضرورة التصدى لها قبل أن تشتعل المنطقة بأكملها، وتخرج الأمور عن السيطرة.

نقلا عن جريدة الأهرام