«كابوس الدماء»!

«كابوس الدماء»!

عبدالمحسن سلامة

«أكرر النداء لإنهاء كابوس الدماء فى غزة»، تلك هى بعض التصريحات التى أطلقها أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أمس الأول، لوقف شلالات الدماء فى غزة على أيدى قوات الاحتلال الإسرائيلية التى تخوض «حرب إبادة» بكل ما تعنيه الكلمات من معانٍ ضد الشعب الفلسطينى فى غزة.

مشاهد مأساوية عديدة فى غزة نراها كل يوم بعد أن تكدست الجثث فى الشوارع، وتوقفت سيارات نقل الموتى بسبب عدم وجود بنزين، واضطر الأهالى لحمل الجثامين على العربات الكارو، والبحث عن مكان لدفن ذويهم.

مشاعر تقشعر لها الأبدان، ويندى لها جبين الإنسانية، باستثناء «الضمير الميت» للرئيس الأمريكى جو بايدن، المتهم الأول فى مساندة النازيين الجدد فى إسرائيل، بقيادة بنيامين نيتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، وحكومته «الفاشية» بلا استثناء.

المشهد حرك «الضمير الحى» لأنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، فأعلن بوضوح، أمام جلسة مجلس الأمن الأسبوع الماضى، أن الشعب الفلسطينى يتعرض لاحتلال مستمر منذ ٧٥ عاما، وأن هجمات حماس ضد إسرائيل فى ٧ أكتوبر لم تحدث من فراغ، وأن تلك الهجمات لا تبرر القتل الجماعى الذى تشهده غزة، مؤكدا أن الشعب الفلسطينى يعانى تحت الاحتلال الخانق منذ عام ١٩٦٧ .

موقف شريف، ومحترم للأمين العام للأمم المتحدة، وهو ما قد يكلفه منصبه على غرار ما حدث لبطرس غالى، الأمين العام الراحل؛ حينما أعلن رفضه مذابح « قانا» الإسرائيلية، وأصر على نشر التقرير الأممى الذى يؤكد إدانة إسرائيل فيها؛ فوقفت أمريكا (حليف إسرائيل الأعمى) ضده، وناصبته العداء، وأفشلت مخططات التجديد له فى دورته الثانية.

لم يأبه جوتيريش لكل ذلك، وتصرف بشجاعة، رغم ابتزاز إسرائيل له، وتوعدها إياه، وبدء اتخاذ إجراءات عقابية ضد المنظمة الأممية، محميًة فى ذلك بالمساندة اللا أخلاقية من الولايات المتحدة الأمريكية.

الإجراءات بدأت بالتضييق على الهيئات، والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، وإلغاء الاجتماعات بين وزير الخارجية الإسرائيلى والأمين العام، لكن جوتيريش قام بالتصعيد فى لهجته مرة أخرى أمس الأول، ووصف أفعال إسرائيل فى غزة بأنها «كابوس دماء» يجب إيقافه.

فى كل الأحوال، فإن ما فعله جوتيريش يؤكد شرعيته كأمين عام للمنظمة الدولية، بغض النظر عن محاولات عقابه، والتضييق عليه مستقبلا من الولايات المتحدة الأمريكية (شريك الدم الإستراتيجى للسفاح الإسرائيلى).

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات