من حاصر ياسر عرفات قبل ذلك، وتحديدا فى شهر مارس ٢٠٠٢، أى منذ ٢١ عاما؟.. ومن اقتحم المقر الرئاسى للسلطة الفلسطينية بأكثر من ٢٠ ألف جندى، بالإضافة إلى أكثر من ٥٠٠ دبابة ميركافا، وغطاء جوى لا يقل عن ٥٠ طائرة مقاتلة، إلى جوار الجرافات، والمدرعات.. وكل وسائل القتال الحديثة والمتطورة؟
تذكرت كل ذلك، ونحن فى غمار أكاذيب إسرائيل الحالية، التى تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية، وترويجها كذبا أن الأزمة مع حماس.
ما يحدث مع قطاع غزة الآن هو ما حدث بالضبط مع الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات؛ حينما اقتحمت القوات الإسرائيلية المقر الرئاسى، فى الضفة الغربية، حيث دار قتال عنيف بين الحرس الرئاسى والجيش الإسرائيلى، واستمر حصار ياسر عرفات ٣ سنوات كاملة، تدهورت فيها صحته إلى أدنى مستوياتها، ليخرج من مقره إلى فرنسا للعلاج، ويتوفى هناك، وهو ما أثار الكثير من الأقاويل عن «تسميم» إسرائيل الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات قبل مغادرته للعلاج.
ياسر عرفات هو رئيس حركة فتح، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وهو الذى قام بالتوقيع على اتفاقية «أوسلو» فى العاصمة الأمريكية واشنطن مع رئيس الوزراء الإسرائيلى الراحل إسحق رابين، بحضور الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون فى عام ١٩٩٣.
معنى ذلك أن ياسر عرفات هو الذى اعترف بدولة إسرائيل، وهو الزعيم التاريخى لحركة فتح، ومنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعى الوحيد للشعب الفلسطينى، والتزمت منظمة التحرير بعد اتفاقية «أوسلو» بحق دولة إسرائيل فى العيش فى سلام وأمن، كما اعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية لتبدأ مرحلة انتقالية من الحكم الذاتى الذى تأسست بموجبه السلطة الوطنية الفلسطينية، وانتخاب مجلس تشريعى فى الضفة وغزة لفترة انتقالية لا تتجاوز السنوات الخمس للوصول إلى تسوية دائمة بناء على قرارى الأمم المتحدة ٢٤٢، و ٣٣٨، وبما لا يتعدى السنة الثالثة من الفترة الانتقالية.
انتهكت إسرائيل الاتفاق، و«داسته» تحت أقدام الدبابات، وأزيز الطائرات، وعنف قوات الاحتلال، ودمويتهم، وبدأت التضييق على عرفات، لتشتعل الانتفاضة الثانية للشعب الفلسطينى، ثم فعلت ما تفعله الآن فى قطاع غزة.
مشكلة إسرائيل أنها تكذب، وتخادع، لكنها، للأسف الشديد، تجد أمريكا التى تروج لأكاذيبها فى إطار مؤامرة خبيثة لتصفية القضية الفلسطينية، لتكون بداية مرحلة جديدة من الخراب والدمار فى المنطقة العربية كلها، ثم تدعى كذبا أنها تدافع عن نفسها وتنسى أنها هى التى تحتل الأرض، وتقتل الأطفال، والنساء، والمدنيين، وتفجر منازلهم، وتحاصرهم فى كل مرة، لا فرق فى ذلك بين ياسر عرفات، أو حماس أو فتح أو غيرهم.
التعليقات