حي الشيخ جراح وسد النهضة وسياسة الإلهاء

حي الشيخ جراح وسد النهضة وسياسة الإلهاء

د.سميه عسله

خلال الأيام الماضية تحولت المنصات الإعلامية العالمية من الحديث عن الإنتهاكات الأثيوبية بملف سد النهضة إلى تسليط الضء على الأحداث التي تجري في فلسطين حاليا، تحديدا سطوة جيش الإحتلال الإسرائيلي على منازل المدنيين في حي الشيخ جراح.

في عالم السياسة لا يحدث شيء على قبيل الصدفة كما أن للوقت مؤشر وعلامة تقودنا لفهم ما يحدث خلف الكواليس، بالتالي لا أعتقد بأي شكل من الأشكال أن الأحداث التي تجري في هذا التوقيت داخل فلسطين وتحديدا حي الشيخ جراح تحدث على سبيل الصدفة، في وقت يشهد العالم كله نجاح الخارجية المصرية والقيادة السياسية في حشد الموقف الدولي تجاه ما تقوم به أثيوبيا من انتهاكات بملف سد النهضة تشمل رفض أبي أحمد لأي مبادراة وحلول سياسة لإنهاء الأزمة دون المساس بمصالح الأطراف الثلاثة وهم مصر والسودان واثيوبيا، وهذا ما يدل على أن الإدارة الأثيوبية منزوعة الارادة السياسية وهناك أطراف خارجية تحركها وفقا لأجندتها الخاصة.

بذلك يبدو واضحا أن اسرائيل التي تقف خلف سد النهضة هي الطرف صاحب المصلحة في إلهاء العالم وتحويل الانظار بعيدا عن الانتهاكات الاثيوبية، وذلك بالتعاون مع حماس، من خلال صناعة حدث ساخن داخل القدس كالإعتداء على المصلين بالمسجد الأقصى او حرق الساحات المؤدية إليه وطرد الفلسطينيين المقيمين بحي الشيخ جراح من منازلهم،خصوصا واننا نعلم جميعا أن ما يلهب مشاعر المواطن العربي هو الاعتداء على المقدسات وخصوصا أن كان الامر متعلق بالقدس الشريف. 

وكما هو المعروف أن حماس التي تتزعم المقاومة وتمتلك الأسلحة والصواريخ التي لم تصيب جندي إسرائيلي واحد على مر التاريخ هي نفسها الآن التي تتولي وظيفة الإخراج السينمائي لصور وفيديوهات منشورة عبر وسائل الاعلام العالمية  لبعض افراد حماس الذين تم اعتقالهم من قبل جيش الاحتلال وبدت على وجوههم ابتسامة عريضة ويرتدون ملابس أنيقة مرتبة وكأنهم ذاهبون لتصوير فيلم سينمائي وليس من اجل التظاهر المزعوم ضد قوات الاحتلال التي سرقت منازل اخوانهم بحي الشيخ جراح وانتهكت حرمات الأقصى.

أما عن السبب الثاني لاشتعال الأحداث المدبرة الآن داخل فلسطين فلا يمكننا أن نتجاهل قرب موعد الانتخابات الاسرائيلية والمعروف عن الشعب الاسرائيلي انه دائما ما يفضل ان يتزعمه جنرال مقاتل خاض حروب وحقق انتصارات حتى وان كانت مسرحية وصدقها الشعب، لذلك من صالح رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي ان يعقد اتفاق مع حماس مفاده ان تتصاعد الاحداث في قطاع غزة وان تصل حد الاشتباك على الارض وحينها ليس على اسماعيل هنية سوى ان يطلق صواريخه باتجاه مناطق غير مأهولة في تل ابيب وبالتالي سيرد عليها جيش الاحتلال بصواريخ اخرى تستهدف اماكن مأهولة بالسكان داخل غزة يذهب ضحيتها مدنيين فلسطينين ليسوا من اتباع حماس.

مجمل القول إن ما يحدث في فلسطين الآن ليس صدفة وأن من يقف خلف سد النهضة الآن هو نفسه من وضع يده بيد حماس لاشعال الازمة داخل غزة حاليا لإلهاء العالم بعيدا عن الانتهاكات الاثيوبية ،ولكسب تأييد شعبي داخل يمكنه من الفوز في الانتخابات القادمة. 

التعليقات