عبدالله بن زايد يشهد المحاضرة الرمضانية الرابعة لمجلس محمد بن زايد

شهد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، المحاضرة الرمضانية الرابعة لمجلس محمد بن زايد التي عقدت عن بعد تحت عنوان " التعلم والبحث مدى الحياة : مفتاح إمكانياتنا وطاقاتنا المستقبلية " والتي تسلط الضوء على أهمية ترسيخ ثقافة التعلم المستمر لدى الأفراد والمجتمعات والشغف في اكتساب المعرفة خلال رحلة الحياة لما له من دور محوري في تقدم المجتمع وتنميته..إضافة إلى أحدث المهارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف المنشودة.

     شارك في الجلسة الضيوف كل من..معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة والدكتور جون سيكستون الرئيس الفخري السابق لجامعة نيويورك وساكو تومينن مؤسس شركة  " برودكاسترز" للانتاج التلفزيوني الفنلندية ومالك ومؤسس مؤسسة " هندريد " والمدير الإبداعي للمؤسسة والمهندس عمران شرف مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ ـ " مسبار الأمل " في مركز محمد بن راشد للفضاء. 

      ورحب سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان بالمشاركين في الجلسة وهنأهم بشهر رمضان الكريم متمنيا أن يجعل الله تعالى هذه الأيام المباركة خيرا على العالم أجمع.

     وقال إن موضوع التعليم هام له أبعاد بالنسبة للجميع أفرادا ومجتمعا وأولياء أمور ومسؤولين .. ونحن متشوقون للاستماع إلى تجاربكم فكل منكم يأتي بتجربة حياتية طويلة متنوعة في غاية الأهمية .. التعليم لم يعد ضرورة للحصول على عمل أو مهارة فقط..لكن للحصول على حياة متنوعة محفزة تسهم من معرفتنا لبعضنا البعض ولمجتمعاتنا وتزيد شغفنا بالمعرفة..أتنمى لكم حياة موفقة وأن تكونوا محفزين لكل مستمع في مجلس محمد بن زايد.  

      وفي مداخلة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مع البروفيسور سيكستون قال .. أنت من الشركاء والأصدقاء القدامى لدولة الإمارات وقد سررت بلقائك في العديد من المناسبات.. نريد أن نعرف منك كيف يمكننا تشجيع الآخرين على إيجاد الشغف والتعلم مدى الحياة ؟.

      فقال البروفيسورسيكستون في رده..لابد لي من القول إن صورة الشيخ زايد في أحد المعارض وهي تحمل عبارة " إن مستقبل دولتنا يتعلق بتعليم مواطنينا " ألهمتني .. لقد تعلمت مدى عمق تعامل سموكم وأخوتك خاصة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع هذه المقولة على محمل الجد.

     وأضاف أن الشغف سمة متميزة في هذا البلد الذي أحبه.. وفي أبوظبي خاصة ، فإن هذا الشغف بمستقبل عالم متحد ومتكاتف هو انعكاس لحال المدينة نفسها..لقد أتممت 61 عاما في مهنة التدريس، والتي بدأتها في سن 17.. كان التدريس شغفي، ولم أكن أتصور أن أزاول أي مهنة أخرى، فكيف حدث ذلك...؟.

     وتابع أنه عندما نتحدث عن التعلم مدى الحياة، علينا أن نفكر فيه بطريقتين : طريقة نتطلع خلالها إلى الخارج وهي عملية للغاية تتطلب العمل بشكل إيجابي في عالم دائم التغير، ثم هناك طريقة أخرى نتطلع فيها إلى الداخل، وهي طريقة شخصية تتعلق بكيفية بناء حياة مليئة بالبهجة والإنجاز لأنفسنا.. إن الجمع بين هاتين الطريقتين يكسب المرء ميزة إضافية في حياته كما يمكنه من الإسهام في حياة الآخرين وتحقيق المنفعة للمجتمع في الوقت نفسه.

     وأضاف أننا نبدأ في بناء الشغف في حياتنا بالطريقة التي يفكر بها الرياضيون العظماء، وذلك من خلال بناء ذاكرة جبارة.. كما يحدث عندما يبدأ الطفل الصغير في التعلم، لذلك علينا أن نبدأ من هناك ومن ثم يجب أن ينعكس ذلك في سياساتنا العامة.. لابد من توافر تعليم جيد في مرحلة الطفولة المبكرة، والمرحلة الابتدائية، ثم لاحقا في الأنشطة اللاصفية للأطفال لاسيما تلك التي تعزز الإبداع، ثم الاقتداء بالقادة الذين لديهم أكثر جداول الأعمال ازدحاما في العالم، من خلال ذلك نتعلم نمذجة السلوك الجيد..كل هذا يبني ذاكرة جبارة.

     وأشار إلى أن هناك طرقا للمضي قدما في ذلك من خلال السياسات الرسمية وغير الرسمية، فعلى المستوى الرسمي، علينا التأكد من اهتمامات المواطنين وشغفهم بالتوازي ، لأن الناس يفعلون الأشياء بشكل أفضل عندما يكونون متحمسين لها.. وعلينا أن نقدم للناس خيارات ونشجعهم على أخذ زمام المبادرة ليصبحوا منتجين.

      وأوضح أن العملية معقدة لكنها تبدأ ببناء ذاكرة جبارة منذ البداية، حتى تصل إلى الهياكل الرسمية وغير الرسمية.. ونجعل الناس يدركون أننا نتوقع منهم الكثير، فنقول مثلا : " نريدك أن تتفوق في هذا المجال الذي أنت شغوف به" ، ثم نمنحهم الأدوات اللازمة للقيام بذلك. ومن تجربتي أعتقد أن الناس يحبون هذا الأمر.

       وتابع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مداخلته مع البروفيسور جون سيكستون وسأل .. هل الطريقة تختلف بين من يبدون اهتماما ومن ليس لديهم مثل هذا الاهتمام؟ ..هل يمكننا أن نجعلهم متحمسين أو مهتمين لفعل المزيد؟ وكيف يمكننا في دولة الإمارات أن نجعل الناس أكثر اهتماما وأكثر نشاطا ؟ .

      فقال سيكستون .. سأجيب من خلال المقارنة مع بلدي، الولايات المتحدة والتي شاركت بشكل فاعل في استمرارية التعليم فيها.. لم يتمكن العديد من الطلاب الفقراء خلال أزمة كوفيد من المشاركة لأنهم لا يملكون متطلبات التعلم من المنزل : الاتصال بالإنترنت وجهاز الكمبيوتر والمساحة المخصصة للدراسة.

       أعتقد أن ما ينقص بلدي هو تدخل الحكومة وتوفير الفرص للجميع لأنه إذا كان لديك الكثير من الشغف ولكن لا يمكنك ممارسة هذا الشغف.. فلن تستطيع التقدم إلى الأمام وأعتقد أن دولة الإمارات تمتلك القدرة على ذلك فلديها قيادة عظيمة وموارد ضخمة، يمكنها أن تضمن وصول الجميع إلى الموارد ومن ثم تحفزهم على بذل كل مافي وسعهم وتحقيق طاقاتهم الكامنة.

     وأضاف..إذن كيف نشعل الجذوة ؟ يجب أن يكون لدينا متطوعين ومعلمين مستعدين للعمل من أجل الأطفال إضافة إلى أنشطة محلية تجذب الأطفال من خلال برامج غير رسمية، ثم يبدأون في تعليمهم بشكل غير مباشر، سواء كان ذلك من خلال لعب كرة القدم أو الموسيقى أو التصوير الفوتوغرافي وغيره.

        وأشار إلى أن دولة الإمارات اتجهت نحو رعاية مخيمات اللاجئين في العديد من الدول حيث الناس تفتقر إلى الأمل وشرعت في تنفيذ برامج ومبادرات هناك، وفجأة أصبحنا نرى الأمل في عيون الأطفال، وكان من السهل جعلهم يعودون إلى الدراسة.. يجب أن يكون ذلك من خلال جهود واسعة النطاق، والاقتداء بالقيادة أمر مهم جدا.

       وأكد جون سيكستون أن توفير الموارد لمن لا يملكونها، يبني الأساس اللازم ومن ثم عندما ينمو الشغف لديهم يمكنك المضي قدما في هذه البرامج والمبادرات.

       وفي مداخلة مع معالي سارة الأميري قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد .. إن سيرتك المهنية والحياة التي عشتيها في دولة الإمارات والخارج منحتك الكثير من الخبرة..أود أن أسمع آراءك ، إذا كنت ترغبين في أن تضيفي شيئا إلى ما قاله الدكتور سيكستون.

     فقالت الأميري .. " إن ما قاله الدكتور سيكستون، أمر أساسي وجوهري من أجل التعلم مدى الحياة، وهو يبدأ في المؤسسة الأولى التي ولدنا فيها جميعا، أي المنزل..فالشغف يولد معنا داخل الأسرة، فنكتسب تلك القدرة على التعلم والربط بين التعليم والفضول العلمي حيال جميع التجارب التي تحدث حولنا، وهذا هو أساس التعلم مدى الحياة".

        وأضافت " أنني حظيت بفرص عظيمة من خلال العمل على برنامج كان بمثابة حلم، بفضل قيادة قادرة دائما على خلق رؤى ذات طبيعة تحويلية ومليئة بالتحديات في الوقت نفسه، مكنتنا من استثمار الشغف الذي نمتلكه والاستفادة من الفرصة المتاحة لنكون مشاركين أساسيين في مسيرة البناء ".

       وقالت " إنه كلما تعلمت مزيدا عن الفضاء، كلما رأيت كواكب أكثر، وكلما عرفت أكثرعن المجرات، أدركت مدى صغر كوكبنا وصغر نظام الكوكب المعقد الذي نعيش عليه..وهذا يعطينا فكرة عما يعنيه أن نترك بصمة في العالم الوحيد الذي نعرفه والعالم الوحيد الذي توجد به حياة على حد علمنا ".

         وخلال مداخلة مع ساكوتومينن..قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان  : من خلال خبرتك في وسائل الإعلام وفي الأعمال التجارية وفي مجال الابتكار، كيف ترى إمكانية خروج العالم الذي مر بجائحة كورونا، في مرحلة كان الناس فيها محبطين للغاية ولا يعلمون ماذا ستكون النتيجة، من هذه الجائحة بسرعة؟ .. وكيف يمكننا أن نترجم ذلك من خلال إظهار المزيد من الاهتمام ببناء العديد من العلماء الآخرين من أمثال سارة في الإمارات، وحول العالم، وخاصة العالم العربي، في وقت يعاني فيه الناس من الأوبئة ونقص الفرص في هذا الجزء من العالم؟.

      وأجاب ساكو تومينن .. ان الغرض الأساسي من التعليم هو إعداد الإنسان للمشاركة في الحياة..ومن الآن فصاعدا، سيكون الكثير من الأشياء غير مؤكدا في حياتنا، فكل ما حدث في الأشهر الـ 12 - 18 الماضية يمثل تحديا هائلا ..وسيكون من المثير للاهتمام أن نراقب كيف ستواجه الأنظمة البيئية التعليمية عامة هذا التحدي..ففي فنلندا، اعتبرت الكثير من المدارس ذلك فرصة رائعة لتعليم أشياء عن الصحة والعقلية والابتكار والتعاطف..وأعتقد أن هناك تحديات في النظام البيئي التعليمي على مستوى العالم في الوقت الحالي من حيث ظهور الابتكارات الجديدة ونجاحها أوفشلها.

       وقال إذا كنا نفكر في العقل البشري والفضول عامة..علينا أن نضع في اعتبارنا أن البشر كائنات رائعة وشاملة التفكير.. وبالتالي فيما يتعلق بالتعليم، يجب أن نولي الكثير من الاهتمام للرفاهية الشاملة أيضا..وإذا كانت لديهم مهارات أكاديمية، فيجب أن تكون لديهم مهارات عقلية، والقدرة على التعامل مع الإجهاد، ومع حالة عدم اليقين التي خلقتها جائحة كورونا ومناخ القلق الذي تسببت به الجائحة.. لأنه من الصعب تعليم الابتكار إذا كنت شخصا شديد القلق.

       ورأى ساكو تومينن : أن التحديات الراهنة تمثل فرصة لإنشاء نسخة جديدة من التعليم والتي ستثبت الأيام أنها ذات قيمة كبيرة في المستقبل.

        وتابع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان : إن بعض الآباء بيننا واجهوا نوعا مختلفا من التحدي مع أطفالهم خلال جائحة كورونا تمثل بالتساؤل: كيف يمكننا أن نكون آباء أفضل؟ ..وكيف يمكننا استثمار هذا التحدي لتحقيق نتائج أفضل في المستقبل ؟.

      فأوضح ساكو تومينن أن الأطفال يتعلمون من والديهم، لذلك إذا كنت تريد أن تدرس العقول القابلة للنمو (عقلية النمو)، فمن الضروري أن نتمتع نحن الآباء بعقلية ناضجة أيضا..وأن يكون لدينا أمل عملي، وهذا يعني أنه يجب ألا نعتقد أنه لن تكون هناك مشاكل في المستقبل، بل سنواجه عددا من التحديات في المستقبل ولكن يمكننا إيجاد طريقة للتعامل معها.

     وبالنسبة لكوننا آباء فيجب أن نكون إيجابيين ومتفائلين وأن ننقل هذا النهج إلى الجيل القادم..فالأمر ليس بسيطا ولكنه مهم، لأنه إذا كان الآباء يشكون باستمرار من التحديات، فسينتقل ذلك منهم إلى أطفالهم.

       وقال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان .. إذن هل يجب أن نتشارك بأفكارنا وخبراتنا مع الأطفال أم لا؟ وما هي الحدود لمثل هذا الأمر؟.

      فرد ساكو تومينن : أنه يجب أن نثق بالأطفال ونشرح لهم كل شيء..ونوضح لهم أنه ليس بالأمر السيئ أن نواجه تحديات أو مشاكل في الحياة، لكن يجب أن نتعامل معها تعاملا فعالا، وبغض النظر عما سيحدث في المستقبل، فإن لدي المهارات اللازمة لحل المشكلات.

      لنكن متفائلين ونجد طريقة للاستمتاع بحالة عدم اليقين وهي مهمة ليست سهلة على الإطلاق، لكنها مهمة للغاية في عالم سريع التغير.

        وفي مداخلة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان مع عمران شرف قال : نحن فخورون جدا بك وبفريقك وبما أنجزتموه.. إنه يمثل تحديا خلال الأوقات العادية، فما بالك أثناء فترة الحظر.. كيف تمكنت من توظيف ما عرفته وما تتعلمه على طول الطريق لجعل مهمتك أكثر نجاحا؟.

      فقال عمران شرف : إن المهمة لم تكن سهلة على الإطلاق.. لقد كان التعلم والتعليم الأساس لمواجهة هذا التحدي..إن ما يقرب من 90 % من أعضاء فريق بعثة الإمارات لاستكشاف المريخ كانوا من خريجي المدارس والجامعات في دولة الإمارات.

    وعندما التقيت بصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله لأول مرة لمناقشة المهمة قال : " لا تبدأوا من الصفر بل تعلموا من الآخرين.. لا تشتروا المركبة الفضائية بل ابنوها "..  لذلك كان النهج من اليوم الأول مختلفا تماما عن نهج البلدان الأخرى فيما يتعلق باستكشاف الفضاء.. عادة تعد الدول الأخرى هذا الأمر بمثابة سباق فضائي أما دولة الإمارات فاعتبرته بمثابة تعاون فضائي..كان لدينا فريق مؤلف من 200 إماراتي يشاركون في المهمة.

       وذكر عمران شرف أن ثقافة دولة الإمارات تتمحور حول مواجهة التحديات، فكل تحد نواجهه نحوله إلى فرصة كما أن نهج المخاطرة في مواجهة التحديات هو ما جعلنا قادرين على تنفيذ المهمة على الرغم من الحظر والتحديات التي كان علينا مواجهتها في إطار زمني قصير جدا وهو 6 سنوات بدلا من 10 - 12  عاما كما تفعل الدول الأخرى.

         وتابع سمو الشيخ عبدالله بن زايد مداخلات فقال : دكتور سيكستون، فيما يتعلق بما ذكره عمران من حيث استخدام الفضاء لتحفيز جيل كامل، وبالعودة إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي نجد أن بعض الدول مرت بذلك ولكن حافزها أصبح ضعيفا بمرور الزمن، فهل تسأم الدول من الابتكار وتحقيق المزيد؟.

        فأجاب الدكتور جون سيكستون : إنه من المهم أحيانا أن نمضي إلى ما يبدو بعيد المنال..إن بعثة المريخ الإماراتية، المشروع بأكمله المتعلق بالذكاء الاصطناعي، وفكرة أنه بحلول عام 2071 ستكون هذه الدولة الأكثر إثارة للإعجاب في العالم..كل هذه الأشياء بطريقة ما، لم يتوقعها العالم، بل إنهم يقولون: " لا يمكنكم فعل ذلك ".

        وأشار إلى أنه عندما دعا جون كينيدي أميركا للذهاب إلى القمر وعندما أعلنت دولة الإمارات أنها ستصل المريخ، لم يكن ذلك مجرد تصريح قائم على الالتزام بالعلوم الهائلة ولكنه كان بمثابة رمزية تلخص كل ما نتحدث عنه هنا اليوم.. هناك قلق من أن يضعف الأمل، لكن لنتذكر أن دولة الإمارات أتمت حتى الآن 50 عاما استثنائيا تحت قيادة غير عادية، وأنا أذكر طلابي الإماراتيين دائما بهذا الأمر: " لا تنظروا إلى ما لديكم اليوم كونه أمرا مسلما به فلديكم التزام يفرض عليكم رد كل ما تلقيتموه من منح " .. وأعتقد أن هناك قلق في كل مجتمع من تراجع الأمل، وأحد الدروس التي يمكن أن تعطيها دولة الإمارات للعالم هو: "  في بلدنا لا يتراجع الأمل ولا العزم بل سنواصل العمل على تعزيز الأمل ونشره في العالم".

       ووجه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان سؤالا إلى ساكو تومينن.. بشأن كيفية التغلب على الفشل ؟.

       قال ساكو تومينن : هذا سؤال جوهري.. " فالنجاح يتحقق من خلال مواجهة المخاطر، ولكن ما ان تحقق النجاح الذي تسعى إليه فإنك غالبا ما تكف عن المخاطرة رغبة منك في المحافظة على نجاحك، ولكن من الخطأ أن تتجنب الأشياء التي جعلتك ناجحا، وأعتقد أن هذا ما يحدث للعديد من الشركات".

       وأضاف .." لقد كنت أحاول إبعاد مفهوم الفشل بالكامل عن حياتي الخاصة.. ما أفعله في حياتي هوأنني أتقبل سلفا حقيقة أنه لن يكتب النجاح لكل شئ، لكن المهم أنه يمكنك أن تتعلم شيئا ذا قيمة كبيرة من شيء لم يكتب له النجاح .. ولنتذكر أن العديد من النجاحات ولدت من رحم الفشل ".

       وقال سموالشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان  في الختام : يسعدني دائما أن أكون معكم جميعا، أن أكون ليس فقط مع العقول الناجحة بل مع العقول المتفائلة أيضا، وحتى مع تلك القادرة على الاعتزاز بالفشل".

        وأضاف سموه :" نحن نعيش في منطقة مليئة بالإثارة والتحديات، وكلي أمل أن تواصلوا جميعكم نشر الأمل والفرح وتقبل الفشل بصدررحب في حال مواجهته..ولكن دعونا نتوقف جميعا برهة ونتأمل الرحلة التي أخذت أزمة " كوفيد " فيها العالم، بكل تحدياتها..البشر مبدعون فهم لن يفقدوا الأمل ولن يكفوا عن العمل معا..بارك الله بكم جميعا".  

       وقد أكد الضيوف المحاضرون خلال الجلسة..أن الشغف بالتعلم والمعرفة والبحث يشكل اللبنات الأساسية للتعليم المستدام.. مشيرين إلى أن مرحلة الطفولة المبكرة تمثل الخطوة الأولى للتعليم مدى الحياة.

        من جانبها قالت معالي سارة بنت يوسف الأميري .. إن النهج الذي اتبعته دولة الإمارات منذ تأسيسها هو التأقلم الدائم والذي يقوم على التعليم المستمر.. مشيرة إلى أن المرحلة المقبلة في دولة الإمارات والعالم ستشهد تغييرا جذريا في المهن بوتيرة أسرع مما كانت عليه في السابق وهذا يعني أنه سيختلف أسلوبنا ونهجنا وطريقة تفكيرنا ونظرتنا إلى التعليم.

        وأوضحت أن المواهب دائما ترتبط بالشغف سواء بمهنة أو تعليم أو زيادة المعرفة أو في جانب من جوانب المعرفة..

         وقالت .. لله الحمد حظينا بقيادة تؤمن بمواهب الشباب وخلق فرص في مجالات لم تكن موجودة من قبل..ومن المهم خلال المرحلة المقبلة ترجمة هذه المواهب إلى مخرجات يتطلبها اقتصاد الدولة وهناك العديد من البرامج المتنوعة التي تحظى بدعم القيادة للعمل على  صقل مهارات هذه المواهب وتوفير مخرجات تترك أثرا في تطور الدولة.

      وأكدت معاليها ضرورة الاستفادة من طريقة تعاملنا مع التحديات التي نواجهها ونتغلب عليها من خلال زيادة المعرفة والمهارات والإدراك واكتساب الخبرات التي تسهم في التعليم المستمر مدى الحياة. 

        من جانبه قال البروفيسور جون سيكستون..إن أول ذكرى لي في أبوظبي تتمحور حول التعليم فقد كنت في " فندق قصر الإمارات " حيث يقام معرض توجد في إحدى زواياه صورة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان " طيب الله ثراه " كتب عليها مقولة : " إن مستقبل دولتنا يتعلق بتعليم مواطنينا ".. حينها أدركت أنني في في المكان الصحيح.. وعندما قابلت صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ..رأيت أنه يحمل الالتزام نفسه وهو توفير التعليم للجميع والذي عبر عنه والده الشيخ زايد.

        وأضاف..أن الله أنعم علينا جميعا بالمواهب والشغف فكل طالب لديه موهبة رائعة تولد معه ولديه قدرات يجب استخراجها من خلال التعليم ..فالتعليم يعني استخراج القدرات من كل شخص..وهذا ما نفعله خلال المراحل الدراسية من الإبتدائية إلى الثانوية وهنا نلاحظ تميز كل طالب و حتى مرحلة الكلية والجامعية والتدريب المهني.

      وقال إن سبب إعجابي العميق بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان هو أنه لم يهتم برفاهية شعبه فقط بل اهتم بالعالم أجمع وتخطيطه الدائم لعقود مقبلة.. لمست فيه حب الخير والعطاء الذي يجعله متميزا وهو يسعى نحو ذلك الهدف طويل الأمد.. وحين نفكر في موضوع التعليم مدى الحياة فهو جزء واحد فقط من تلك الإستراتيجية لأنه يرى أن كل شخص لديه الإمكانات نفسها والخير الذي يحمله والذي لن يستنفذه أبدا وأن الحياة تسير نحو الأفضل يوما بعد يوم. 

       من جانبه قال ساكو تومينن..يجب أن نبدأ بطرح سؤال محوري حول الهدف من التعليم..ومن وجهة نظري أن جوهر التعليم يكمن في مساعدة جميع الأطفال حتى تزدهر حياتهم مهما كانت ظروفهم..وعند محاولة تحقيق هذا الهدف على أرض الواقع علينا أن نسأل أنفسنا كيف سيبدو العالم عام 2030 ؟.. أنني أرى أن جميعنا متأكدون نسبيا أن 2030 سيتصف بأي سمة ما عدا اليقين.. 

     وأشار إلى أن عدم معرفتك بأمر ما ليس إشكالية..إنما المشكلة تكمن في عدم إيمانك بنفسك وبقدرتك على تعلم هذا الشئ وهو ما يعرف بالكفاءة الذاتية.. داعيا إلى إنشاء منظومة تعليمية يكتسب خلالها الأطفال الثقة في قدراتهم التعليمية.. وقال مهما يحدث في حياتنا فنحن نمتلك القدرة على تعلم أشياء جديدة..ويجب أن تعود كل التطورات بالفائدة على الجميع مما يعني أنه إلى جانب العمل على النهوض بالتميز وقدرات التعليم علينا بالتوازي الاهتمام بالتعلم الاجتماعي العاطفي والرفاهية الأكثر شمولية ولا يمكن تجاهل هذا الجانب لأن غيابه يعني غياب التعلم مدى الحياة.

التعليقات