الرحلة من 60 إلى نصف مليون دقيقة

الرحلة من 60 إلى نصف مليون دقيقة

ريتشارد حداد

أذكر عام 2007 عندما بدأ الاحتفال للمرة الأولى بساعة الأرض في مدينة سيدني في أستراليا، في احتفال مهيب شارك فيه ما يقرب من 2.3 مليون شخص، حيث تم الاتفاق على إطفاء جميع الأضواء غير الهامة معاً، وفي السنوات التالية بدأت الدول المختلفة تُشارك في الاحتفال، إلى أن وصلت العام الماضي 2020 ما يقرب من 200 دولة حول العالم بالإضافة إلى ألاف المدن والقرى.

وفي عام 2008 كانت مدينة دبي أول مدينة عربية تُشارك في الاحتفال بساعة الأرض، دعماً لحماية البيئة من التأثيرات السلبية للتغير المناخي، نتيجة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وقد جاء تفاعل دبي ومشاركتها حافزاً كبيراً لجميع الدول والمدن العربية التي تبعتها بعد ذلك، ومنها القاهرة والرياض، وغيرها من المدن الأخرى.

ويبقى السؤال الأهم، كيف نسمح لأنفسنا وسلوكياتنا التي لا أرغب أن أصفها بالسيئة، في التعامل مع البيئة، لكن أصفها بغير المعتدلة وغير المتوازنة في التعامل مع الأرض التي تحملنا، والبيئة التي هي مصدر الهواء الذي نستنشقه، أي أنها مصدر حياتنا ووجودنا، لذا أعتقد أن الأرض تستحق مننا أن تكون تلك الساعة الواحدة التي نحتفل خلالها سنوياً جزء من سلوكياتنا على مدار العام، وليس فقط خلال ساعة واحدة كل عام، وليس مطلوباً أن نُكمل حياتنا على ضوء الشموع، لكن على الأقل نهتم بتوفير الطاقة، وإطفاء الأضواء غير الضرورية، وكذلك الأجهزة التي لا نستخدمها، ونُغرز في أطفالنا تلك السلوكيات الجيدة تجاه البيئة، وتجاه حياتنا، حتى نستطيع أن نترك لأبنائنا عالم وبيئة أفضل يعيشون فيها.

وهنا أذكر كلمة قالها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام خلال افتتاحه محمية "المرموم" الطبيعية التي تٌخصص ما يقرب من 10 في المائة من مساحة إمارة دبي كمحمية طبيعية للنباتات والحيوانات والطيور، ووقتها قال سموه أن «الحفاظ على البيئة هو حفاظ على أهم ثرواتنا.. والاستثمار فيها هو استثمار في أغلى ما نملك»، وهذه الكلمة التي أذكرها حتى الآن، أعتبرها رسالة، تختصر الكثير في توضيح كيف تكون علاقتنا بالبيئة التي نعيش فيها، وهي تُشير إلى أننا بحفاظنا على البيئة، نستثمر ثرواتنا في الحياة على وجه الأرض، نستثمر في حق العيش والبقاء والوجود، نستثمر في مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

ونفخر هنا في مجموعة فنادق ومنتجعات جنة، التي تضم 830 غرفة فندقية في دولة الإمارات العربية المتحدة، أننا نتبع المعايير العالمية للاستدامة، ونُشارك في كافة المبادرات التي تُطلقها وتدعمها دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تُعد من الدول الرائدة في مجال الاستدامة والمبادرات الخضراء التي تدعم البيئة، وتتصدر أيضا، وفقا لتقارير ومؤشرات التنافسية العالمية لعام 2020، المشهد الدولي في عدد 8 مؤشرات عالمية تتعلق بالعمل البيئي، واستحوذت على المركز الأول عالمياً في مؤشر الرضا عن جهود المحافظة البيئية.

وفي هذا اليوم الذي نحتفل ونتضامن فيه معاً من أجل الكون، أدعوكم أن تجعلوا ساعة الأرض سلوك حياة، لا ينتهي بانتهاء تلك الساعة التي لا تمثل أكثر من 60 دقيقة فقط، خلال عام عدد دقائقه أكثر من نصف مليون دقيقة، وتحديداً 518,400 دقيقة.

الأرض تستحق منا أكثر من ذلك، فلن تُعطينا أثمن من الحياة التي نعيشها، ولن نملك أن نُعطيها أكثر من الحفاظ عليها.

ريتشارد حداد

الرئيس التنفيذي لمجموعة فنادق ومنتجعات جنة

التعليقات