دخولك ليبيا قرارك أما خروجك منها قرار السيسي

دخولك ليبيا قرارك أما خروجك منها قرار السيسي

د.سميه عسله

كما هو معروف ان الرجل الأول للإخوان محمود عزت هارب منذ7سنوات، وعملية القبض عليه أتت بشكل مفاجئ تزامنا مع تراجع أردوغان وضعف موقفه في ليبيا والذي نتج عن تحرك سياسي مصري قوي أدى إلى حشد أوروبي وتنديد دولي بالغزو التركي في ليبيا، انعكس أثره على المعارضه التركية التي نصبت "المشنقه" لأردوغان بمطلب شعبي.

تفصيلا فإنني أتوقع أن تكون تركيا قد أدلت بمعلومات إلى الجانب المصري تفيد في القبض على محمود عزت ،وسنتأكد من صحة هذه الفرضية المحتملة بنسبة كبيرة في حال حدث "عملية هروب عناصر الاخوان من تركيا الأيام القادمة ويشمل ذلك الاعلاميين والصحفيين الاخوان الذين يعملون بالقنوات الخبيثة الموجهة ضد مصر و التي أنشأها اردوغان في تركيا"، والمعلوم ان محمود عزت هو رأس التنظيم الاخواني في مصر والمسؤول عن الجناح العسكري وتنفيذ العمليات الارهابية على الأرض والتي شملت استهداف وقتل النائب العام الرجل الخلوق المستشار هشام بركات وكذلك ضباط شرفاء من صقورنا بجهاز الأمن الوطني المصري الذي أثبت أنه درع الوطن وسنده الأمين، بالإضافة إلى دور محمود عزت في إحداث نقلة نوعية في طرق الإستمالة والتجنيد بجماعة الاخوان بتفعيل المخطط الالكترونية وتأسيس بنية تحتية رقمية للجماعة تساعدهم في ممارسة نشاطهم بعيدا عن أعين الأمن ومن خلال الفضاء السيبراني. ويبقى السؤال الذي يطرحه الكثير "لماذا يتراجع أردوغان عن حماقاته السياسية والعسكرية ويخاطب ود مصر؟ ولماذا يحاول إسترضاء القاهره في هذا التوقيت؟ وما الذي جَد؟".

في حقيقة الأمر تراجع اردوغان في خطاباته وتحركاته ضد مصر في ليبيا لم يكن بإرادته بل أنه لم يركع سوى بعد أن أجبره الرئيس السيسي على الركوع بل ودخول الإسلام فعلا وليس قولا وتأدية الفروض الخمس ولا نستبعد أن يرسله الرئيس السيسي إلى السعودية لتأدية فريضة الحج تحت كفالة الملك سلمان حفظه الله. والمعلوم ان كل سلاطين العثمانين أجداد أردوغان ماتوا دون ان  يأدوا الركن الخامس وهو حج بيت الله الحرام. وهذا يسوقونا إلى الكشف عن الطرق التي استخدمها الرئيس السيسي في تركيع أردوغان في ليبيا.

 محسن بيه ممتاز عين الصقر ابن الشعب

وسبق وأن أوضحت ان الصورة الدرامية لقادة الاستخبارات المصريه العظماء ابناء الشعب جسدها مسلسل رأفت الهجان في دور محسن بيه ممتاز حتى أصبحت العلاقه بين الشعب و أجهزته الامنيه علاقة مباشرة تتمثل في الاحساس ب "الظهر والسند والقوة والكرامة". فقد شاهدنا كيف عملت أجهزتنا الأمنية العظيمة في رصد ومتابعة التحركات التركية على الاراضي الليبية،وهذا ما عطل على اردوغان خطواته في "نصب وتفعيل S400 " التي استلمها من روسيا و ضلت ك "البنت البايره" في بيته لا هو قادر على ارجاعها لروسيا واعلان فشله وقلة حيلته أمام الاتحاد الاوروبي وشعبه ومصر ولا هو قادر على نصب S400 بالقرب من الهلال النفطي الذي جعله الرئيس السيسي خط أحمر أمام العثمانليه وميليشياتهم في ليبيا.

اجتماع الرئيس السيسي بالعراق والأردن منذ أيام

حيث اجتمع الرئيس السيسي بالملك عبدالله ابن الحسين ورئيس الوزراء العراقي الكاظمي، ليس فقط لتعزيز العلاقات الاقتصاديه والتبادل التجاري بل ايضا لموضوع مهم وهو وضع خط أحمر جديد أمام اردوغان في المتوسط باتجاه العراق ،وكما هو معلوم ان شمال العراق الان يشهد تظاهرات قوية ضد أردوغان الذي اعتدى على سيادة العراق على اراضيه واقتحم شمال العراق ليقيم مذبحة للأكراد هناك، فكما  نعلم ان الكابوس الذي يهدد اردوغان هو انشاء دولة الأكراد التي تضم الاكراد في العراق وسوريا وحزب العمال بتركيا، بمباركة ومساعي امريكية واضحه لانشاء دولة للأكراد على الحدود مع اردوغان.وهي رسالة مصريه أيضا موجهة لإيران التي استخدمها اردوغان في التحايل على اوروبا ومصر ونقل اسلحته للسراج بواسطة السفن الايرانيه عبر المتوسط،وكما يعرف الجميع ان الكاظمي لديه موقف واضح وصارم من التدخلات الايرانية بالعراق وصلت حد منعه وزير خارجية الملالي جواد ظريف من دخول العراق الا بتأشيرة.

نجاح الدبلوماسيه المصريه في "ترسيم الحدود"

بتتابع زمني يمكنني ان اقول ان مصر نجحت في التقريب بين ايطاليا واليونان و الجلوس معا على طاولة مفاوضات واحدة لتقريب وجهات النظر وإزالة نقاط الخلاف بينهما حتى تمكنت مصر من اقناع ايطاليا واليونان بإعادة ترسيم الحدود فيما بينهم، والجدير بالذكر ان الدولتين شهدتا عقود زمنيه من الخلاف في هذه قضية ترسيم الحدود لولا التدخل المصري مؤخرا لحل الأزمة ووضع خط أحمر جديد أمام اردوغان في المتوسط باتجاه ايطاليا اليونان.فاصبح محاولة تنقيبه في هذه المنطقه من المتوسط غير شرعية وتعتدي على سيادة الدولتين على ارضيهما ومخالفة للقانون الدولي وتحدي لدولة اوروبيه من "الناتو" .

نجاح الدبلوماسية المصرية بحشد الموقف الأوروبي   تجلى في تصاعد حدة التصريحات الفرنسية والألمانية واليونانية التي تنطوي جميعها على تهديد واضح ومباشر لأردوغان وتحذره من الاستمرار او التقدم في ليبيا، وصلت حد اعلان فرنسا امس أعطاء مهله لأردوغان ايام معدودة لنزع السلاح والتراجع ،وهذا التحرك الفرنسي يستند ايضا على حفظ المصالح الفرنسية داخل ليبيا والحفاظ على خط تجاري امن مع افريقيا، ولعل السراج هو أيضا قد عبر للرئيس السيسي منذ أيام خلال اتصال هاتفي انه يريد تفعيل الحلول السلمية ونزع السلاح وهذا الكلام وان كان ظاهره الخضوع امام قوة مصر وضعف الموقف التركي على الاراضي الليبيه،فإن باطن هذا التصريح الخبث والذي تجلى في نقطة نزع السلاح عن خط سرت الجفرة وابقاء الاراضي الاخرى الواقعه تحت السيطرة التركية مسلحة.

الشارع التركي يغلي والميليشيات تتآكل وعند السيسي الحل

أسأله كثيرة توجه لأردوغان حول ما جناه الأتراك من دخول ليبيا سوى الكساد الإقتصادي الذي تعيشه اسطنبول بخلاف الصورة الدولية المزرية والعقوبات الاقتصادية المنتظرة،وذلك ما اشعل لهيب الشارع التركي واثار حملات من الهجوم على اردوغان داخليا تقودها المعارضة، فلم يعد امام اردوغان حل سوى حفظ ماء الوجه وتهدئة الشعب باللجؤ الى مصر مخاطب ود الرئيس السيسي لعله يحصل على قطعه من الجاتو تحفظ استمراره على كرسي اسطنبول،او يوفر له السيسي ممر امن للخروج من ليبيا ويحفظ وجهه امام شعبه. خصوصا وان الكساد الاقتصادي التركي انعكس على حجم تمويل الميليشيات في ليبيا وادى الى تقليص الدعم المالي لها،مما اثار هذه العناصر المأجوره ودخلت في حروب فيما بينهم داخل ليبيا تمثلت في عمليات التصفيات الجسديه بين الميليشيات في ليبيا صراعا على الاموال حيث انهم لا يستطيعون العوده مرة اخرى للبلدان التي جلبهم منها أردوغان و زج بهم في ليبيا،والجدير بالذكر ان هذه الميليشيات تقوم الان بنهش الجسد الليبي باغتصاب النساء الليبيات والنهب والسرقه لتوفير الاموال والبقاء على قيد الحياة.

مجمل القول فإن مصر استخدمت أسلوب التركيع مع تركيا دون ان إطلاق رصاصة واحده ومن خلال معارك سياسية كنا نحن الطرف المنتصر فيها دائما،وكما قال الرئيس السيسي لمن يتدبر خطابه "ان دخلت ليبيا فأعرف كيف أخرج منها" ، هذه الكلمة رسالة لأردوغان فحواها انك يا اردوغان دخلت ليبيا بإرادتك أما خروجك منها بقرار واراده مصرية وبالشكل والطريقة التي تريدها مصر.

التعليقات