اعتمد مجلس الوزارة القانون الاتحادي رقم 19 لسنة 2019 بشأن إعسار الافراد، وهو قانوناً اتحادياً خاصاً لتنظيم حالات إعسار الاشخاص الطبيعين، والذي دخل في حيز التنفيذ إعتباراً من يناير 2020.
هذا القانون من وجهة نظري، هو بارقة أمل جديدة للدائنين والمدنين، تعزز مناخ الاستقرار المالي والاقتصادي والاجتماعي داخل دولة الامارات العربية المتحدة، وفرصة متميزة لضخ مزيد من الاستثمارات في القطاع المصرفي بالدولة والذي سوف يكون له مرودو كبير علي سائر القطاعات الاخري ، فهو يعتبر حافزاً استثمارياً مناسباً لهذه الفترة، حيث ان هذا القانون سوف ينظم العلاقة بين الدائن والمدين بشكل اكثر عملية، فمن ناحية الدائنين، سواء كانت بنوك او شركات تمويل او غيرها من الدائنين، سوف يضع هذا القانون حداً للديون المعدومة والتي عجز المدنين تماماً فيها عن الوفاء بهذه الديون، مما قد يترتب عليه أما ان يقبع المدين في السجون بسبب هذا العجز وما يترتب علي هذا من تدمير لحياته ولاسرته ومستقبله، وكذلك سوف يقلل من حجم الديون المشكوك في تحصيلها لعدم قدره المدين عن الوفاء إلا بجزء من هذا الدين، مما يعني ان الفهم الصحيح لهذا القانون هو خطوة جديدة تسعى الدولة للقيام بها في طريق تحقيق تنمية مستدامة وتوفير مناخ ملائم لمزيد من الاستثمارات المالية في العديد من القطاعات.
ومن ناحية أخرى، فأن هذا القانون سوف يساعد الاشخاص الطبيعين الذين لا يقوموا بأي نشاط اقتصادي ولا يعتبروا من التجار، حيث سوف يوفر لهم المزيد من الاختيارات الواقعية و العملية للوفاء بالديون المترصدة في ذمتهم المالية، مما سوف يكون له التأثير المباشر علي حياتهم واسرهم و مستقبلهم، فالبعض من هولاء حين يتراكم عليه الديون، يجدوا نفسهم أمام اختيار اول هو عدم الوفاء بالدين المترصد في ذمتهم من خلال اتباع الطرق الغير قانونية للتخلص من الدين ومنها علي سبيل المثال الهروب لدول أخرى طمعاً في حياة جديدة بغير ديون ومطاردات من الدائنين، والتي تمثل الحركة في دائرة مفرغة، فهذا القانون بالنسب لهولاء، هو احد سبل النجاة من الغرق في بحر الديون التي لا تنتهي، وفقاً لهذا القانون والذي تم تطبيقه بداية من عام 2020 من خلال التقدم بطلب بعد إستيفاء كل شرائطه المذكورة في القانون إلي المحكمة المختصة، والتي من خلالها سوف تقوم المحكمة بتعيين خبير او أمين يقوم بتحديد الديون وتقدير الموقف المالي للمعسر ووضع الاليات المناسبة للوفاء بهذه الديون وطريقة الوفاء وفترتها، بمعني اخر سوف يقوم احد المتخصصين مالياً بوضع خطة سداد منتظمة تحت رقابة المحكمة حتي يضمن طرفي العلاقة الوفاء والالتزام، وبمجرد انتهاء المدين من الوفاء بالالتزمات المترصدة في ذمته والتي تسببت في إعلان إعساره، سوف يكون له الحق في رد إعتباره وإستعادة حقوقه التي فقدها نتاج حالة الاعسار التي اصابته،
لهذا أعتقد، انه هذا القانون هو بمثابة عودة للحياة مرة اخري للمدين، فهو مظله قانونية تنظيمية لإنهاء الكثير من المنازعات المالية التي تمتلئ بها قاعات المحاكم كل يوم، وتصل إلي عدم استيفاء الدائن بديونه ، وعدم تخلص المدين من تراكمات الديون عليه.
مستشار قانوني
مكتب الدرمكي ومشاركوه للمحاماة والاستشارات القانونية
التعليقات