إبل عملاقة في جزيرة "إليزمير"

رغم أن الجمل يحمل بجدارة لقب "سفينة الصحراء"؛ فإن علماء أكدوا أن الإبل عاشت فيما مضى في منطقة باردة داخل الدائرة القطبية شمال كندا، وفقًا لحفريات عُثر عليها في جزيرة "إليزمير" الكندية يبلغ عمرها 3,5 مليون سنة.  

وبناءً على الحفريات التي هي بقايا عظمة أسفل الساق؛ فإن هذه الإبل كان حجمها أكبر بنسبة 30 في المئة من الجِمال الحالية، وكانت تستوطن الغابات الشمالية الشديدة البرودة قبل ملايين السنين. وعلى الرغم من أن المنطقة التي عثر فيها على الحفريات كانت أدفأ بواقع 14 إلى 22 درجة مئوية مما هي عليه اليوم؛ فإن تلك الأصقاع كانت باردة وتكسوها الثلوج لمدة لا تقل عن تسعة أشهر سنويًا.

ويزعم العلماء أن الاكتشاف قد يغير طريقة تفكيرنا في الإبل، ما يدل على أنها كانت في الأصل "مكيفة على العيش في بيئة غابوية قطبية"، بدلًا من موطنها الصحراوي الحالي. فالصفات التي تتسم بها الإبل الحديثة، مثل السنام الذي هو بمثابة مخزن للدهون، كانت ملائمة أكثر لأسلافها التي استفادت منه بشكل رئيسي خلال فصول الشتاء الحادة عندما كان الغذاء نادرًا. خصائص أخرى قد تكون الإبل استفادت منها في تلك الظروف شديدة البرودة تشمل شكل الحوافر المسطحة وحجمها الكبير التي ساعدتها في التحرك على الثلج بالطريقة نفسها التي تساعدها في المشي على الرمال. كما أن عيونها الكبيرة ساعدتها في البحث عن المرعى خلال أشهر الظلام في القطب الشمالي.

وقد أظهرت نتائج الدراسة التي نُشرت في مجلةNature Communication  أن الإبل الحديثة هي من سلالة هذه الجِمال العملاقة التي عاشت في غابات القطب الشمالي آنذاك.

وقالت "ناتاليا ريبزينسكي" ـ مُعدة الدراسة والمختصة في علم الحفريات في المتحف الكندي للطبيعة في "أوتاوا": "إن هذا هو أول دليل على أن الإبل عاشت في المناطق الجليدية، وقد كان هذا الأمر مثيرًا للدهشة؛ إذ إننا تعودنا على واقع أن الجِمال تعيش في المناطق القاحلة وشبه القاحلة". وأكدت أن الدراسة تفيد بأن السلالة التي تحدرت منها الإبل الحديثة كانت في الأصل مهيأة للعيش في بيئة قطبية.

هذه الإبل التي تنتمي إلى فصيلة "كاميلوس ـ Camelus"، نشأت في أمريكا الشمالية قبل نحو 45 مليون سنة مضت، وانتشرت في وقت لاحق قبل سبعة ملايين سنة إلى منطقة "أوراسيا" عبر جسر "بيرينغ" الطبيعي، الذي كان وقتها يربط "ألاسكا" بـ"روسيا".

ووجد الباحثون قرابة 30 قطعة من العظام التي كانت جزءًا من قصبة ساق الجمل.

وقد تم تحديد هُوية الإبل وعمرها من خلال استخراج مادة الكولاجين ـ وهو بروتين متوافر لدى الثدييات ـ من بقايا العظام، وقاموا بمقارنته مع 37 نوعًا حيوانيًا حديثًا. وكشفت نتائج الاختبارات عن وجود تطابق شبه كامل بين نوع الجمال المنقرض والجمال وحيدة السنام الحديثة، غير أن حجمها كان أكبر بنسبة الثلث. ويعتزم العلماء مواصلة أبحاثهم عن بقايا الجِمال في منطقة القطب الشمالي.

التعليقات