مرة جديدة تعيد روسيا عرضها للتوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لاستئناف عملية السلام المتعثرة منذ سنوات، لكن التوقعات من هذا العرض تبدو محدودة، وفق مراقبين، لأسباب ترتبط أكثر بتل أبيب.
وجاء إعلان موسكو الجديد، على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، الجمعة، خلال حديثه للصحفيين في العاصمة الإيطالية روما.
وقال لافروف: "من المستحيل تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط بما في ذلك ليبيا والعراق، دون حل القضية الفلسطينية".
وأضاف: "ندعم استئناف المحادثات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ونؤكد عرضنا منذ عدة سنوات لاستضافة اجتماع بين الطرفين من دون شروط مسبقة".
وانهارت محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين في عام 2014، خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وبدأ النشاط الروسي الجديد للتوسط بين الطرفين في عام 2016، عندما دعت موسكو إلى عقد مؤتمر قمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وجددت الدعوة في مايو الماضي على لسان لافروف.
ومع نهاية عام 2017، أكد الفلسطينيون أن واشنطن لم تعد وسيطا نزيها للسلام، بعد أن اعترف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل.
وخلال حديث الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع نظيره الروسي فلاديمير بوتن هذا العام، أيد الأول فكرة أن واشنطن لا يمكن أن تكون الوسيط الوحيد في عملية السلام، وتزايدت الاتصالات بين الطرفين في أعقاب القرار الأميركي.
عوامل إيجابية
ومن العوامل الإيجابية التي قد تساعد موسكو في أداء دور الوسيط هو احتفاظها بعلاقات إيجابية مع طرفي الصراع، في وقت ينظر إلى أميركا على أنها طرف منحاز لإسرائيل، خاصة بعد "قرار القدس"، وقطع المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
وتؤيد موسكو علنا إقامة دولة فلسطينية، ولها علاقة جيدة بالسلطة الفلسطينية والفصائل، وهو أمر تفتقده الولايات المتحدة، كما أنها تحتفظ بعلاقات جيدة مع إسرائيل، تحسنت كثيرا بسبب التنسيق بين البلدين فيما يتعلق بالحرب في سوريا، وفق مراقبين، رغم التوتر الذي شاب العلاقات بين موسكو وتل أبيب عقب إسقاط الطائرة الروسية في سبتمبر.
وموسكو ليست طارئة على عملية السلام، كما يعتقد البعض، إذ إنها كانت واحدة من الدول التي شاركت في رعاية محادثات مدريد للسلام في عام 1991، كما أنها عضو في اللجنة الرباعية الدولية، المعنية بالمفاوضات.
وتضم اللجنة التي تشكلت عام 2002 إلى جانب روسيا، كلا من: الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، وتمت المشاركة الروسية حينها في وقت كان نفوذها محدودا في المنطقة، وليس كما اليوم.
الموقف الإسرائيلي
وفي المقابل، هناك عوامل ستعيق الدور الروسي المنتظر، إذ ذكرت تقارير إخبارية أن نتانياهو، رفض في أبريل الماضي، اقتراحا روسيا بعقد قمة مع عباس، الذي وافق على المقترح الروسي.
وتقول إسرائيل إن الولايات المتحدة هي الدولة الأقدر على رعاية عملية السلام، ما يعني رفضا ضمنيا لأي مبادرة من دولة أخرى، وهو ما ظهر من عدم التجاوب مع الدعوات الروسية المتكررة لإجراء محادثات سلام.
وفي داخل إسرائيل، هناك ائتلاف حكومي يقوم على تحالف بين الأحزاب المتطرفة التي تتنافس على إبداء المواقف المتشددة إزاء الفلسطينيين وليس العكس، كما أن إسرائيل على أعتاب عام انتخابي تعلو فيه المواقف المتطرفة.
وقالت وزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكيد، هذا الأسبوع :" أعتقد أن الفجوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين أكبر أن يتم جسرها"، مضيفة "السلام مستحيل في الوقت الحاضر".
النفوذ الأميركي
وفي ضوء النفوذ الأميركي المتجذر في المنطقة منذ عقود، ولا سيما في إسرائيل، لا يبدو أن بوسع موسكو تجاهله، خاصة مع اقتراب عرض الخطة الأميركية الجديدة للسلام، الذي يشرف عليها صهر ترامب ومستشاره البارز، جاريد كونشر.
التعليقات