على خلاف ما جرت عليه العادة لسنوات، يقول مصرفيون إن بعض البنوك المركزية في دول الخليج الغنية المصدرة للنفط ربما تحيد بحذر عن السياسة النقدية الأمريكية هذا الأسبوع مع قيام البنك المركزي الأمريكي برفع أسعار الفائدة.
ويُعتقد على نطاق واسع أن مجس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) سيرفع أسعار الفائدة في اجتماعه يوم الأربعاء 25 نقطة أساس إلى نطاق 1.50-1.75 في المئة. وحيث أن عملاتها مربوطة بالدولار الأمريكي، فمن المفترض كالمعتاد أن ترفع البنوك المركزية الخليجية أسعار الفائدة عقب مجلس الاحتياطي مباشرة وبنفس المقدار بحسب "رويترز".
لكن رفع أسعار الفائدة الأمريكية يأتي في وقت حرج للخليج، حيث يضغط تدني أسعار النفط والخطوات التقشفية على النمو الاقتصادي في حين تهبط أسواق العقارات.
ويقول مصرفيون من بنوك تجارية في المنطقة إن ذلك قد يدفع دولا خليجية إلى التريث في رفع أسعار الفائدة حين تعتقد أن بوسعها تجنيب عملاتها ضغوط المضاربة.
يعتقد البعض أن هناك دولتين على وجه الخصوص، وهما قطر والكويت، قد تحجمان عن رفع أسعار الفائدة الرئيسية في أعقاب الزيادة الأمريكية المنتظرة يوم الأربعاء.
وقال أحد المصرفيين ”ينمو اقتصاداهما ببطء وتواجه أسعار الأصول ضغوطا. وبعيدا عن مسألة استقرار العملة وتدفقات رؤوس الأموال، فليس من المنطقي لهما أن ترفعا أسعار الفائدة“.
وساهمت تكهنات بأن السعودية قد تحجم عن رفع أسعار الفائدة في دفع سعر الفائدة المعروض بين البنوك في المملكة لأجل ثلاثة أشهر إلى نحو 16 نقطة أساس دون نظيره الأمريكي الأسبوع الماضي، وهو أكبر فارق سلبي من نوعه من منتصف 2009 حينما شوهت الأزمة الائتمانية العالمية أسعار الفائدة.
وفي ضوء قلق البنك المركزي السعودي من أن يؤدي اتساع الفارق السلبي كثيرا إلى تحفيز نزوح رؤوس أموال من المملكة، اتخذ البنك الأسبوع الماضي خطوة غير معتادة إلى حد كبير ورفع أسعار الفائدة قبل المركزي الأمريكي، وتلاشت تلك الفجوة تقريبا.
وتعتقد بنوك تجارية أنه طالما استطاع المركزي الحيلولة دون حدوث فارق سلبي كبير من جديد، فإنه سيتريث في رفع أسعار الفائدة مجددا في الأشهر المقبلة، حتى وإن رفعها المركزي الأمريكي ثلاث مرات على الأقل في 2018 كما هو متوقع.
وألمح عاصم آل غرسان مدير إدارة السياسة النقدية والاستقرار المالي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) إلى أن السلطات النقدية تركز على الاستقرار، لكن يمكنها العمل ببعض الاستقلالية طالما تحافظ على الاستقرار.
وقال لصحيفة الاقتصادية هذا الأسبوع ”ليس بالضرورة أن يتم اتخاذ هذه القرارات تزامنا مع قرارات البنك“ المركزي الأمريكي.
وربما يتسع لقطر مجالا أكبر لتحيد عن سياسة المركزي الأمريكي في الأمد القريب. فسعر الفائدة المعروض بين البنوك القطرية لأجل ثلاثة أشهر يبلغ 43 نقطة أساس فوق نظيره الأمريكي، وهو ما يشير إلى أن الدوحة لن تواجه ضغوطا فورية لرفع أسعار الفائدة عندما يقبل المركزي الأمريكي على هذه الخطوة يوم الأربعاء.
وفي الأشهر التي أعقبت مقاطعة أربع دول عربية لقطر في يونيو حزيران الماضي، واجهت الدوحة صعوبة في التكيف مع نزوح الأموال والحفاظ على الثقة في عملتها. لكن في الأشهر الماضية توقف هروب الأموال من البلاد بشكل جوهري وانحسرت الضغوط على الريال القطري.
وقالت مونيكا مالك كبيرة الخبراء الاقتصاديين لدى بنك أبوظبي التجاري ”نعتقد أنه في ضوء علامات على استقرار القطاع المصرفي (بما في ذلك تدفقات رؤوس الأموال) وأوضاع غير مواتية للقطاع غير النفطي، يمكن الإبقاء على سعر الريبو دون تغيير هذه المرة“.
وفي الكويت، هبط سعر الفائدة المعروض بين البنوك لأجل ثلاثة أشهر إلى 30 نقطة أساس دون نظيره الأمريكي، مع رهان البنوك على أن بنك الكويت المركزي، الذي أحجم عن اتباع خطى مجلس الاحتياطي في رفع أسعار الفائدة في المرتين الأخيرتين العام الماضي، سيبقي مجددا على سعر الخصم بدون تغيير هذا الأسبوع.
وربما تستطيع الكويت تحمُل فارق سلبي لأن احتياطياتها المالية الضخمة تبدو كافية لتبديد خطر التهافت على بيع العملة. وفي الماضي ظل الفارق سلبيا خلال فترات متقطعة استمر كل منها عدة أشهر.
ويتوقع المصرفيون بشكل عام أن تحاكي دولة الإمارات العربية المتحدة والبحرين وسلطنة عمان أي رفع في أسعار الفائدة الأمريكية غدا الأربعاء. اقتصاد دولة الإمارات قوي نسبيا، في حين أن المالية العامة للبحرين وسلطنة عمان هي الأضعف في المنطقة، وهو ما يعني أن عدم رفع أسعار الفائدة ربما يفرض ضغوطا على العملة.
التعليقات