كأنه خارج للتو من المطبعة فى طبعته الأولى رغم أنه مجموعة من المقالات تم نشرها فى تسعينيات القرن الماضى، ثم إعادة طباعتها فى كتاب جديد فى الذكرى الحادية والتسعين لميلاد الكاتب الكبير رجاء النقاش المولود فى 3 سبتمبر عام 1934، وأعادت مجلة الإذاعة والتليفزيون إصداره وهى تحتفل بعيدها الـ90 فى استكمال لمسيرة إصدار الكتب عن المجلة والتى توقفت منذ نحو 14 عاما، وأعاد الزميل أحمد المسلمانى رئيس الهيئة الوطنية للإعلام إحياء هذا الدور الثقافى للمجلة مرة أخرى إلى جوار دورها الصحفي، ليكون كتاب «إسلام بلا أحزاب» باكورة هذه العودة الحميدة.
يشخص رجاء النقاش أزمة المسلمين الحالية بوجود جبهتين خطيرتين يعملان ضد الإسلام، واحدة متطرفة ترفع راية التشدد والتطرف وتلحق بالمسلمين أشد الأضرار، وثانية معادية للمسلمين والإسلام تعمل بلا كلل ولا ملل للتآمر على المسلمين حاضرًا ومستقبلًا سيرًا على استراتيجية الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون التى أصدرها فى كتاب بعنوان «الفرصة السانحة» الذى صدر عام 1992، والذى بشر فيه ببدء المعركة بين الغرب والإسلام بعد نهاية المعركة بين الغرب والشيوعية.
يستفيض رجاء النقاش فى شرح أوجه الإسلام المعتدلة، وفتاوى الإمام محمد عبده بجواز أكل طعام أهل الكتاب، والاستعانة بالكفار وأهل البدع والأهواء فيما ينفع المسلمين، وزواج المسلم من الكتابيات أى «المسيحيات واليهوديات»، مشيرا إلى أن الزواج يعنى القرابة والمصاهرة، ولا تكون القرابة حتى تكون المودة، والألفة.
كتاب رجاء النقاش كان البداية لندوة د. أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، فى صالون ماسبيرو الثقافي، والذى أطلق من خلاله العديد من الأفكار المهمة حول «شراك» الغرب الرهيبة التى ينسجها للهيمنة على العالم من خلال نجاحه فى الفصل بين الطلب والحاجه ونجاحه فى ترسيخ قيم استهلاكية خطيرة بحيث لم يعد الاحتياج هو الباعث الرئيسى على الطلب، وإنما دخلت «الموضة» على الخط، و«النهم» فى الاستهلاك وما يمكن تسميته بـ«حمى الشراء» للهيمنة على الأسواق واستنزاف الموارد لصالح الاقتصاديات الغربية المسيطرة على أسواق العالم.
يحتاج المسلمون إلى الوعى بالمخاطر المحيطة بهم، وإعادة ترتيب أولوياتهم، لإيجاد طريق آمن بين النيران التى تبدو صديقة، ونيران العدو المتآمر، كما يشرح الراحل العظيم رجاء النقاش فى «إسلام بلا أحزاب».
التعليقات