سفير بلغاريا: العلاقات مع مصر تتمتع بجذور تاريخية عميقة

احتفلت سفارة جمهورية بلغاريا في مصر، باليوم الوطني بحضور عدد من السفراء والدبلوماسيين حيث تحتفل في 3 مارس 2025، جمهورية بلغاريا بالذكرى الـ147 لتحريرها من سيطرة الدولة العثمانية التي استمرت قرابة خمسة قرون.  

يحيي هذا اليوم ذكرى نهاية الحرب الروسية التركية (1877-1878) بتوقيع معاهدة سان ستيفانو الأولية التي نصت على إنشاء إمارة بلغارية ذاتية الحكم. ويُعتبر هذا اليوم رمزًا لاستعادة الدولة البلغارية وبداية مسيرتها الصعبة نحو الوحدة الوطنية والاستقلال السياسي الكامل، الذي تحقق بعد ما يقرب من 30 عامًا، تحديدًا في 6 سبتمبر 1885 و22 سبتمبر 1908.  

في هذا اليوم، تُكرم بلغاريا تضحيات أسلافها الذين بذلوا أرواحهم من أجل تحرير البلاد.  

كلمة السفير البلغاري في مصر

وقال سفير بلغاريا في مصر، ديان كاتراتشيف، إنه بعد مرحلة انتقالية صعبة نحو الديمقراطية منذ عام 1989، أصبحت بلغاريا اليوم عضوًا فخورًا في حلف الناتو منذ 2004، والاتحاد الأوروبي منذ 2007، وأخيرًا انضمت بالكامل إلى منطقة شنجن. ساهمت عضويتها في هذه التحالفات في نمو اقتصادها ثلاثة أضعاف منذ 2007 وخمسة أضعاف منذ 1989. وتطمح بلغاريا إلى تحقيق خطوتها القادمة بالانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ومنطقة اليورو بحلول 1 يناير 2026.  

تتمتع العلاقات بين بلغاريا ومصر بجذور تاريخية عميقة، كبلدين مهدين لحضارات عريقة، شهدت أراضيهما وشعباهما تفاعلات مكثفة، اتحدتا أحيانًا ضمن إمبراطوريات واحدة. ويمكن تتبع التبادلات بينهما إلى العصر البرونزي المتأخر والعصر الهلنستي، ويمكن رؤية قطع أثرية من تلك الفترة في صوفيا ومدن بلغارية قديمة على ساحل البحر الأسود.  

في عام 343 ميلاديًا، شارك بابا الإسكندرية أثناسيوس الأول في مجمع سرديكا (صوفيا حاليًا)، وأسس ديرًا في منطقة تشيربان الحالية، الذي يُعتبر أقدم دير لا يزال نشطًا في أوروبا.  

خلال العصور الوسطى، أرسل ملوك المملكة البلغارية الأولى بعثات دبلوماسية إلى الخلفاء الفاطميين وسلاطين المماليك. كما كتب مؤرخون مصريون بارزون عن بلغاريا في سجلاتهم، وقام حجاج ورُهبان بلغاريون بنقل مخطوطات وأيقونات نادرة إلى دير سانت كاترين في سيناء.  

في القرن التاسع عشر، خلال فترة النهضة البلغارية، أسس الحرفيون والتجار والحجاج البلغاريون مجتمعًا نابضًا بالحياة في الإسكندرية، حيث أعاد بعضهم استثمار أرباحهم في مدنهم الأصلية ببلغاريا.  

تُعد مصر أول دولة عربية أقامت بلغاريا معها علاقات دبلوماسية عام 1926، ويتطلع البلدان للاحتفال بالذكرى المئوية لهذه المناسبة العام المقبل.  

اليوم، تُعتبر بلغاريا ومصر شريكين قريبين وملتزمين برفع علاقاتهما إلى مستوى أعلى، لتعكس الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومصر. ويُعد تفعيل اللجنة المشتركة للتعاون (JCC) بنجاح وعقد اجتماعها الافتتاحي في فبراير 2024 محطة بارزة. ويتطلع البلدان إلى عقد الدورة القادمة للجنة في صوفيا، مع الاستعداد أيضًا لدورة لجنة التعاون الاقتصادي المشترك وجولة المشاورات السياسية في القاهرة، كمقدمة لزيارة مُتوقعة للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى صوفيا.  

شهد عام 2024 ذروة غير مسبوقة في التعاون التجاري والاقتصادي، حيث عززت مصر موقعها كالشريك التجاري الرائد لبلغاريا في المنطقة. وفقًا لبيانات المعهد الوطني للإحصاء، بلغ حجم التبادل التجاري 1.8 مليار دولار (بارتفاع 41% مقارنة بعام 2023)، مع فائض لصالح مصر (نحو 378 مليون دولار). كما أصبحت بلغاريا رابع أكبر مُصدر للقمح عالي الجودة لمصر، حيث زادت صادراتها بنسبة 60% (من 285 ألف طن إلى 452 ألف طن).  

وتشير الأرقام إلى تزايد الاستثمارات، خاصة مع إنشاء شركات بلغارية في مجالات تكنولوجيا المعلومات والخدمات في السوق المصري، واستثمارات جديدة في الإنتاج الغذائي والزراعة والنسيج.  

تُثمن بلغاريا طموح مصر في لعب دور محوري في أمن الطاقة في ظل التحديات الراهنة، لتصبح مركزًا إقليميًا وجسرًا إلى أوروبا، وتعتبرها شريكًا مهمًا في مجال الطاقة ومصدرًا محتملًا للغاز الطبيعي والكهرباء من مصادر متجددة.  

كما تُعرب بلغاريا عن تقديرها لدور مصر كعامل استقرار في المنطقة، وتشيد بجهود الدبلوماسية المصرية الدؤوبة لتهدئة الأزمة في غزة، ومنع امتداد الصراع، وتحقيق وقف إطلاق النار، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وإطلاق الأسرى.  

بشكل عام، تشهد العلاقات الثنائية تقدمًا ملحوظًا، مع آفاق واعدة لمزيد من التطور.

التعليقات