صراعات القرن الإفريقى الملتهبة

صراعات القرن الإفريقى الملتهبة

عبدالمحسن سلامة

لأن إقليم القرن الإفريقى هو من أهم نقاط التقاء المصالح الإستراتيجية إقليميا ودوليا، فقد تصدر الآن بؤرة الاهتمام العالمى بعد أن تحول إلى أكبر ساحة من ساحات التنافس بين القوى الدولية الكبرى.

سواحل القرن الإفريقى تمتد من إريتريا شمالا حتى كينيا جنوبا، وتطل على أهم الممرات الملاحية العالمية على مستوى العالم، التى تربط بين أوروبا وآسيا، مما جعلها منطقة صراع خفى ومعلن بين القوى الكبرى فى محاولة للتحكم والسيطرة على تلك المنطقة الإستراتيجية.

إفريقيا دائما فى قلب الدولة المصرية، ومنذ أكثر من قرنين ظلت إفريقيا محور اهتمام السياسة المصرية حتى قامت ثورة 23 يوليو عام 1952 م، لتتحول إلى مصدر للإلهام لكل حركات التحرر الإفريقية.

تذكرت كل ذلك أثناء حضورى مؤتمر الصراعات فى القرن الإفريقى وتداعياتها على الأمن الإقليمى المصرى الذى نظمه المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية أخيرا بشأن إقليم القرن الإفريقى وتحوله إلى أداة رئيسية من دوائر الصراعات حول العالم.

يعانى القرن الإفريقى الآن من نشاطات بعض الجماعات الإرهابية التى تتنامى بشكل يهدد الاستقرار والتقدم فى هذه المنطقة، بالإضافة إلى عودة صراعات الحدود بين دول الإقليم بصورة لافتة التى تتمثل فى الصراع الإثيوبى - السودانى على منطقة الفشقة الحدودية، والصراع الإثيوبى - الإريترى على مثلث «بادمي» المتنازع عليه منذ استقلال إريتريا، وكذلك الصراع الإثيوبى - الصومالى الذى ظهر بوضوح بعد التدخل السافر من إثيوبيا فى الشأن الصومالى، واختراق مبدأ وحدة الأراضى الصومالية وتوقيع مذكرة تفاهم بين إثيوبيا وحكومة أرض الصومال.

انعكست أزمات القرن الإفريقى على حركة الملاحة فى البحر الأحمر، بالإضافة إلى تزايد عمليات القرصنة فى خليج عدن، وارتفاع معدلات هجمات الحوثيين على حركة الملاحة أخيرا.

لكل ذلك فإن تنظيم المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية مؤتمر «صراعات القرن الإفريقي» يأتى فى إطار الاهتمام المصرى أخيرا بإفريقيا، بعد تراجع استمر ما يقرب من 4 عقود متتالية منذ نهاية السبعينيات.

صحيح أن معالجة صراعات وأزمات القرن الإفريقى لا يمكن أن تقع على عاتق دولة واحدة، كما أشار د.خالد عكاشة فى كلمته الافتتاحية للمؤتمر، وأنها مسئولية جماعية مشتركة يتحملها المجتمع الدولى بأكمله، لكن يبقى الدور المصرى هو الدور الأهم فى إعادة الاستقرار إلى القرن الإفريقى، باعتباره أولوية للأمن الإستراتيجى القومى المصرى، ولمصلحة دول القرن الإفريقى ككل.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات