العنوان «الأصعب»!

العنوان «الأصعب»!

عبدالمحسن سلامة

كثيرة هى الأحداث هذه الأيام، ومتداخلة بشكل يصعب أن نتابعها بهدوء، ويحتار الكاتب كثيرا فى عنوان يعبر به عن موضوعه، خاصة إذا كان يحاول ملاحقة تلك الأحداث وتحليلها، وتقديم رؤية موضوعية حولها، ولذلك فقد اخترت «العنوان الأصعب».

خلال الساعات القليلة الماضية تدفقت الأخبار حول الهجوم على رفح وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلى تعقيبا على تعليق إحدى شحنات الأسلحة الأمريكية إلى جيش العدوان الإسرائيلى قائلا: «سوف نحارب بأظافرنا».. أضحكنى هذا التصريح، فهو تصريح هزلى لشخص يكذب كما يتنفس لأنه يعلم أنه لولا أمريكا ورعايتها ودعمها، لتغير الوضع على الفور، ولعلم نيتانياهو حجمه الحقيقى، وحجم دولته «القزمية» التى تعيش على أجهزة «التنفس الصناعى الأمريكية»، والتى لا يمكن أن تعيش دقيقة واحدة خارج غرفة الرعاية المركزة الأمريكية منذ نشأتها حتى الآن. يؤكد ذلك ما صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية ووزيرها اليهودى المتعصب بلينكن حول تبرئة إسرائيل من تهمة استخدام الأسلحة الأمريكية فى قتل المدنيين، وهو ما قاله الرئيس الأمريكى «بايدن» بنفسه وليس نقلا عنه، وهو ما يفسر حجم النفوذ اليهودى فى إدارة بايدن، وأن أجهزة الإدارة الأمريكية العميقة أقوى من الرئيس الأمريكى نفسه، وفى الوقت الذى يؤكد فيه الرئيس الأمريكى استخدام الأسلحة الأمريكية فى قتل المدنيين يخرج تقرير من وزارة الخارجية ينفى ذلك.

المتابعون للشأن الأمريكى والمواقف الأمريكية تجاه القضايا العربية منذ أكثر من 75 عاما يعلمون جيدا مدى الانحياز الأمريكى الأعمى لكل ماهو إسرائيلى، وأن إسرائيل ماهى إلا مجرد ضاحية أمريكية حتى إشعار آخر، ولحين «إفاقة» العرب من غيبوبتهم، وإعادة النظر فى علاقتهم مع أمريكا بشكل جماعى يراعى المصالح العربية من خلال حوار عميق مع كل أطياف المجتمع الأمريكى مستفيدين فى ذلك مما يحدث من تغيير هائل فى الجامعات الأمريكية، والأصوات العاقلة فى الكونجرس لتعديل السياسة الأمريكية «الجائرة» وساعتها يمكن أن نرى كيف يحارب نيتانياهو وعصابته بأظافرهم؟

المؤكد أنه فى هذه الحالة لن تكون لهم أظافر أو حتى أصابع أو أيد، لأن إسرائيل «طفل مبتسر» لا يستطيع أن يعيش ساعة واحدة خارج غرفة الرعاية المركزة ودون أجهزة التنفس الصناعى الأمريكية.

على الجانب الآخر، فقد وجهت الجمعية العامة للأمم المتحدة لطمة قوية إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها إسرائيل بالموافقة على عضوية فلسطين الكاملة فى الأمم المتحدة بأغلبية 143 عضوا وامتناع 25 دولة عن التصويت واعتراض 9 دول فقط على رأسهما أمريكا وإسرائيل، مما جعل المندوب الإسرائيلى يفقد عقله، وقام بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة على منصة الجمعية العامة، وهو ما يؤكد أن إسرائيل دولة «مارقة» و«منبوذة»، وأنها جنين «مشوه» غير قابل للحياة.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات