نجح مجلس الأمن، أمس الأول، فى إصدار قرار يطالب بوقف فورى لإطلاق النار فى قطاع غزة بأغلبية ١٤ عضوا مقابل امتناع عضو واحد عن التصويت هو الولايات المتحدة الأمريكية التى لم تستخدم حق النقض (الفيتو).
القرار جاء بعد دخول الحرب على غزة شهرها السادس، وحصدها أكثر من ٣٢ ألف شهيد، وأكثر من ٧٠ ألف مصاب، نصفهم من النساء والأطفال، من دون أدنى تمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية.
أمريكا حاولت أن تكذب، وتتجمل، وتنقذ جزءا من سمعتها التى تأثرت بشدة جراء تأييدها الأعمى، ومساندتها اللامحدودة للعدوان الإسرائيلى- فامتنعت عن التصويت، بعد عدة محاولات سابقة صوتت خلالها ضد مشروعات القرارات المماثلة، واستخدمت فيها حق النقض (الفيتو) لإفشال هذه القرارات.
ميزة القرار الأساسية، كما أشار بيان الخارجية المصرية، أنه يُعتبر خطوة أولى مهمة، وضرورية لوقف نزيف الدماء، ووضع حد لسقوط الضحايا المدنيين الفلسطينيين، وطالبت مصر بضرورة التنفيذ الفورى، والعاجل لوقف إطلاق النار، بما يفتح المجال للتعامل مع كل عناصر الأزمة.
القرار رحبت به، أيضا، حركة «حماس»، مما يضع إسرائيل فى خانة الدولة «الإرهابية المنبوذة» الوحيدة التى ترفض قرارات مجلس الأمن، وتقف فى مواجهة العالم.
أعتقد أن القرار خطوة مهمة، لكن يجب أن تتبعه خطوات أخرى، خاصة من الولايات المتحدة الأمريكية إذا كانت جادة فى تغيير موقفها، واسترداد جزء من سمعتها أمام العالم؛ بالضغط على إسرائيل، ومنع تدفق المساعدات إليها بعيدا عن «الكلام المطاطى» الذى يحتمل التأويل، كما حدث فى حوار كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكى، مع شبكة «أيه بى سى».
هاريس لم تستبعد أن تكون هناك «عقوبات» أمريكية على إسرائيل حال تنفيذها هجوما بريا كبيرا على مدينة رفح التى يحتمى فيها أكثر من ١٫٥ مليون نازح، مؤكدة أنها « لا تستبعد أى شىء» فى هذا المجال.
كلام يحتمل التفسير بأكثر من معنى، ويؤخذ على أكثر من محمل، فالهجوم الكبير كلمة « مطاطية» تعنى أن الولايات المتحدة يمكن أن تقبل بهجوم أقل حجما، وهذا يعنى ضوء أخضر غير مباشر للهجوم البرى الإسرائيلى على رفح الذى يهدد حياة أكثر من ١٫٥ مليون نازح.
بغض النظر عن التصريحات الجوفاء لرئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو، وأعضاء حكومته المتطرفة، فإن الولايات المتحدة تستطيع اليوم، قبل الغد، وقف الحرب، وتنفيذ قرار مجلس الأمن، لأن الولايات المتحدة الأمريكية هى من تتحمل تكاليف فاتورة الحرب كاملة من أسلحة، ومعدات، وتمويل.. وبدون ذلك سوف تسكت أصوات البنادق فى المنطقة.
التعليقات