‏جولة «الخراب» السادسة..!

‏جولة «الخراب» السادسة..!

عبدالمحسن سلامة

ها هو أنتونى بلينكن، وزير الخارجية (الإسرائيلى)، القابع فى البيت الأبيض، يقوم بجولة سادسة فى المنطقة لخدمة مصالح تل أبيب، وحمايتها، ورعايتها، والتحدث باسمها، فى إطار جولة شهرية مكوكية يقوم بها وزير الخارجية الأمريكى (أقصد الإسرائيلى) منذ اندلاع الحرب على غزة، ودخولها شهرها السادس.

بلينكن جاء إلى المنطقة والجوع يُخيِّمُ على كل سكان غزة، والمثير فى الأمر اعترافه فى مؤتمر صحفى بأن جميع سكان غزة يعانون «مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائى الحاد»، والأمر نفسه أكده البيت الأبيض أمس الأول حينما أشار فى بيان له إلى أن إدارة بايدن تشعر بقلق بالغ إزاء تقرير عن «مجاعة وشيكة» فى غزة، بعد أن أعلن المرصد الدولى للجوع، الذى تعتمد عليه الأمم المتحدة، «أن نقص الغذاء فى غزة تجاوز بالفعل مستويات المجاعة بكثير، وأن السكان سيموتون من الجوع إذا لم يتسن التوصل إلى هدنة فورا».

كل هذا وأمريكا تكتفى بالكلام، ويقوم وزير خارجيتها بدور وزير خارجية إسرائيل، ويذهب إلى تل أبيب ليقدم لها كل أوجه الدعم، والحماية، فى وقت يهدد فيه بنيامين نيتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، باجتياح رفح لارتكاب أكبر مجزرة بشرية بحق ١٫٥ مليون نازح جاءوا إليها من كل مكان فى غزة بتعليمات من الجيش الإسرائيلى بعد اجتياح كل مناطق القطاع، وإجبار السكان على الاتجاه إلى رفح جنوبا.

قبل زيارة بلينكن ارتكب الجيش الإسرائيلى مذبحة جديدة فى مستشفى الشفاء، وقتل المرضى، والمصابين، وقام بتدمير الأجهزة، والمعدات، والمبانى فى جرائم حرب، وأعمال إبادة جماعية لم يشهد لها التاريخ مثيلا.

كل ذلك يوضح أسباب جولة بلينكن فى المنطقة التى يقوم خلالها بنشر الأكاذيب، وتبرير العدوان، والمجازر الإسرائيلية، والحديث الوهمى عن المساعدات، وضرورة زيادتها، والكلام مزدوج المعنى، والمضمون عن ضرورة الحد من الخسائر البشرية، لكنه فى الوقت ذاته لايتحدث عن وقف شامل، ونهائى لإطلاق النار لإنقاذ ٢٫٥ مليون مواطن فلسطينى من الموت جوعا.

للأسف الشديد كشف بلينكن عن انحيازه (الأعمى)، ووجه أمريكا (القبيح) خلال جولاته المكوكية الستة التى لم تقدم شيئا سوى مزيد من الدعم للنازيين الجدد فى إسرائيل، والاكتفاء بـ «مصمصة الشفاه» عن القتلى، والمصابين، والجوعى الفلسطينيين، مما يؤكد مشاركة أمريكا (عمليا) فى أكبر عملية قتل، وإبادة، وتخريب فى التاريخ الإنسانى الحديث.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات