‏سقطة أمريكا «الثالثة»

‏سقطة أمريكا «الثالثة»

عبدالمحسن سلامة

لثالث مرة على التوالى منذ بدء الحرب على غزة تسقط الإدارة الأمريكية أمام العالم كله، وكذلك أمام الشعب الأمريكى، وأمام كل الأحرار وذوى الضمائر الحية من كل الأجناس والأعراق والديانات فى العالم باستخدامها حق النقض «الفيتو» ضد مشروع القرار الجزائرى لوقف الحرب فى غزة يوم الثلاثاء الماضى.

حصل مشروع القرار على تأييد ١٣ عضوا من بين أعضاء المجلس الـ ١٥، بينما عارضته أمريكا فقط فى حين امتنعت بريطانيا عن التصويت.

بريطانيا هى الحليف الإستراتيجى للولايات المتحدة، ولا تنفصل عنها أبدا، بل إن الشائع أن الإنجليز دائما يخططون والأمريكان ينفذون، ومع ذلك فهذه هى المرة الثانية التى تمتنع فيها بريطانيا عن التصويت، وتترك أمريكا وحدها فى مواجهة العالم.

امتناع بريطانيا عن التصويت ليس هو الأمثل، لكنه طريقة ذكية تعنى موافقة ضمنية على قرار وقف الحرب مادامت أغلبية أعضاء مجلس الأمن ترى ذلك، وتعنى أيضا رفضا ضمنيا للعدوان الإسرائيلى الغاشم المستمر على قطاع غزة، وليت أمريكا فعلت ذلك أيضا.

للأسف الشديد لاتزال أمريكا تسبح عكس التيار وحدها، وتقوم بتوفير الحماية والدعم لجرائم الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وترفض وقف قتل الأطفال والنساء، بل إنها تقوم بتعطيل إدخال المساعدات إلى غزة، بعد أن أوقفت تمويل منظمة «الأونروا» التى تعمل من أجل مساعدة الفلسطينيين .

المؤكد أن هناك فرقا بين الإدارة الأمريكية التى يتحكم فيها «اللوبى الصهيونى» وبين أغلبية الشعب الأمريكى الذى يرفض العدوان وسفك الدماء ولا يمكن أن يقبل بإبادة جماعية لشعب أعزل دون مبرر.

أعتقد أن الضغط الدولى الحالى، وما يحدث من محاكمات لإسرائيل فى محكمة العدل الدولية، والمطالبات بمحاكمتها فى الجنائية الدولية، وتصاعد نغمة الانتقاد لأساليبها النازية ــ سوف ينعكس بالضرورة على الراعى الأمريكى المساند بالحق وبالباطل للعدوان الإسرائيلى.

للأسف الشديد نحن الآن فى عام الانتخابات الأمريكية وربما يكون هو العام الأسوأ لمتخذ القرار فى البيت الأبيض خوفا من «اللوبى اليهودى» المتغلغل فى أنفاق السياسة الأمريكية، ودهاليزها عقودا طويلة، لكن هذا لا يمنع من وجود فرصة قوية للصوت العربى، والإفريقى، والمسلم، وأعداد ضخمة من الأصوات العاقلة فى الحزبين الديمقراطى والجمهورى للضغط على الإدارة الأمريكية فى هذا التوقيت لوقف ممارساتها الخاطئة المساندة للعدوان الإسرائيلى أو اتخاذ موقف حاسم بمعاقبة بايدن وإدارته فى الانتخابات المقبلة، وهذا أغلب الظن.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات