تابعت من خلال قناة «القاهرة الإخبارية» المحاكمة التاريخية للسفاح الإسرائيلى المتهم بممارسة الإبادة الجماعية أمام محكمة العدل الدولية فى «لاهاى» فى الجزء الأول من المحاكمة أمس.
أحفاد مانديلا حشدوا كل قواهم، واستفادوا من خبراتهم الطويلة، ومعاناتهم الأليمة فى مكافحة التفرقة العنصرية على مدى عقود طويلة فى جنوب إفريقيا.
المشهد كان أكثر من رائع من الفريق القانونى لجنوب إفريقيا، وهو يضم السود إلى جوار البيض، والسيدات إلى جوار الرجال، والكل متمكن من أدواته، ويقدم الأدلة الموثقة، والبراهين، ويشرح الفيديوهات، والتسجيلات بالصوت والصورة، والتى تؤكد ارتكاب الجيش الإسرائيلى الإبادة الجماعية فى غزة.
وثق الوفد الجنوب إفريقى تصريحات الوزراء، ورئيس الوزراء، ورئيس دولة إسرائيل، ووزير الحرب الإسرائيلى، والمسئولين وهم يدعون إلى محو غزة، وإبادة السكان، وتشبيههم بالحيوانات البشرية، وتأكيدات الجنود الإسرائيليين بالصوت والصورة ذلك.
أدلة عديدة وقوية طرحها الوفد الجنوب إفريقى أمام المحكمة، وكان أكثر من رائع حينما أشار إلى الحصار القاتل، وكيف أن هذا الحصار منع الغذاء، والدواء، والمياه، والكهرباء عن سكان غزة، مما جعل الحياة شبه مستحيلة، و»مميتة» لكل السكان دون استثناء، موضحا أن هناك أكثر من ٣٠ ألف طن من المتفجرات تم إلقاؤها على قطاع غزة منذ بدء الحرب، مما جعل القطاع يتحول إلى مقابر جماعية، ولم تعد هناك أسرة واحدة نجت من الضرر المادى، أو المعنوى، أو فقد أحد أعضائها.
الحرب أدت إلى محو عائلات بأكملها من الوجود، وامتد القتل إلى الأطفال، وأصبحت غزة مقبرة للأطفال، ونتيجة القصف العشوائى، والقتل تم تهجير ٨٥٪ من سكان غزة من الشمال إلى الجنوب، والأخطر من ذلك استهدافهم فى أثناء عملية النزوح، وكذلك استهدافهم فى المناطق التى نزحوا إليها، مما أدى إلى عدم وجود مناطق آمنة فى القطاع بالكامل.
دق الوفد الجنوب إفريقى القانونى جرس إنذار التطرف الدينى اليهودى بعنف حينما أكد استخدام القادة، والمسئولين الإسرائيليين الخطاب الدينى لتبرير مجازرهم، وأفعال الفصل العنصرى تجاه سكان غزة، ومحاصرتهم برا، وبحرا، وجوا رغم أن إسرائيل دولة احتلال، ولابد من أن تقوم بواجباتها فى حماية السكان وليس إبادتهم، والتنكيل بهم، وحصارهم.
قارن الوفد الجنوب إفريقى بين ما يحدث الآن فى غزة وما حدث فى ميانمار، والذى أدانته المحكمة واعتبرته جريمة إبادة جماعية قبل ذلك، مشيرا إلى أن ما يحدث فى غزة قد تفوق على ما حدث فى ميانمار بمراحل، وطالب الوفد بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية فورا، ومحاسبة كل المسئولين والمتورطين فى جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين فى غزة، والذين تم توثيق جرائمهم بالصوت والصورة، والأدلة الثابتة.
للأسف فإن رئيسة محكمة العدل الدولية الآن أمريكية، مما يثير الشكوك فى اتخاذ قرارات قوية، لكن فى كل الأحوال فإن المحكمة قد نجحت فى فُضح الهولوكست الإسرائيلى للفلسطينيين، وتلطيخ سمعة إسرائيل وأمريكا، وجعْلها فى «الوحل».
التعليقات