‏فعلتها جنوب إفريقيا..!

‏فعلتها جنوب إفريقيا..!

عبدالمحسن سلامة

تستحق جمهورية جنوب إفريقيا كل التحية، والتقدير، والإشادة لموقفها القوى، والواضح فى مساندة القضية الفلسطينية، وإدانة العدوان الإسرائيلى الغاشم على قطاع غزة، والحقوق الفلسطينية المشروعة.

لم تكتفِ جنوب إفريقيا بالإدانات، وخطابات الشجب، وكلمات التعاطف، ولكنها اتخذت موقفا إيجابيا قويا، حينما تحركت وقامت حكومتها بتقديم طلب إلى محكمة العدل الدولية تتهم فيه إسرائيل بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة.

أوضح الطلب أن ما يقوم به جيش الاحتلال الصهيونى تحت بصر وسمع الحكومة الإسرائيلية فى قطاع غزة هو بمثابة أفعال تصب فى خانة الإبادة الجماعية المصحوبة بالنيات لتدمير، وتشريد أبناء فلسطين فى غزة كجزء من المجموعة القومية، والعرقية، والإثنية الأوسع للفلسطينيين.

طالبت حكومة جنوب إفريقيا محكمة العدل الدولية بإصدار قرار فورى لوقف الهجمات العسكرية الإسرائيلية، وإعلان إجراءات عاجلة لحماية الشعب الفلسطينى فى غزة.

موقف جرىء، ومحترم من دولة جنوب إفريقيا، تلك الدولة التى لم تتخل عن مبادئها بعد أن تحررت من الاستعمار الاستيطانى عقب معركة دامية، وممتدة.

كانت جنوب إفريقيا مستعمرة بريطانية، وقدم شعبها الآلاف من الضحايا، سواء فى مرحلة الاستعمار البريطانى المباشر، أو مرحلة حكم التفرقة العنصرية، حتى كان الانتصار الرائع بعد عقود طويلة من الكفاح المسلح فى عام 1994؛ حينما تحق النصر التاريخى، بزعامة الراحل الخالد نيلسون مانديلا، الذى شغل منصب أول رئيس جمهورية لجنوب إفريقيا من أبناء الشعب خلال الفترة من 1994 إلى 1999.

انهارت العنصرية فى جنوب إفريقيا، لكنها لاتزال باقية فى فلسطين، وعلى الدرب نفسه يقوم الشعب الفلسطينى بالكفاح المسلح ضد المستعمر الإسرائيلى على مدى ٧٥ عاما حتى اليوم.

المهم الآن أن تساند الدول العربية، والإسلامية، والدول المناهضة للاستعمار، والعنصرية دعوة جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية لعلها تكون بارقة أمل فى إنهاء المعاناة الطويلة، والممتدة للشعب الفلسطينى.

ما فعلته جنوب إفريقيا أفقد إسرائيل عقلها، وجعل العديد من الوزراء فى الحكومة بها يطلقون تصريحات أشبه ما تكون بالهذيان، وهم مطمئنون، للأسف، فى ظل حماية أمريكية غاشمة.

أعتقد أن سيناريو جنوب إفريقيا سوف يتحقق فى فلسطين عاجلا أم آجلا مادام الشعب الفلسطينى متمسكا بقضيته العادلة، وحقوقه المشروعة رغم أنف السفاح الإسرائيلى، والراعى الأمريكى.

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات