يؤثر ارتفاع درجة حرارة البحار بالفعل على أنشطة الصيد في المنطقة حيث يقوم الصيادون بصيد عدد أقل من الأنواع المألوفة فيما يجيدون أنواعا أكثر من الأسماك الاقتحامية التي يصعب بيعها في الأسواق.
يعد قنديل البحر من الكائنات المائية التي تستفيد من ارتفاع درجات الحرارة
و على الرغم من أن أسماك الأرانب والأسد – وهي من الأسماك الاقتحامية- صالحة للأكل، إلا أن "بعض الأسماك الغازية الأخرى لا يمكن تناولها حيث أن بعضها سام مثل السمكة المنتفخة".
وحذر باحثون من أن فقدان الموائل الحاضنة للأسماك يمكن أن يؤدي إلى انخفاض كبير في أعداد الأسماك فضلا عن اختفاء الأعشاب البحرية يعني أن السواحل ستكون أكثر عرضة للعواصف وهو ما سيؤثر على حركة السياحة البحرية.
ما الحل إذا؟
يتفق الباحثون على الطريقة الوحيدة لإنقاذ الموائل الحاضنة للأسماك في البحر المتوسط تتمثل في وقف انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
قال كريستيان فيلد، رئيس قسم البيئة البحرية في جامعة بريمن في شمال ألمانيا، إنه لا توجد طريقة مباشرة لحماية الموائل الحاضنة للأسماك في أعماق البحر المتوسط من الإجهاد الحراري، لكن يمكن جعلها أكثر مقاومة عن طريق مكافحة نمو تكاثر الطحالب.
ويأمل العلماء في أن يصب ما أعلنته الأمم المتحدة من حماية 30 بالمائة من البحار بحلول عام 2030، في صالح الحفاظ على البحر المتوسط حيث لم يتم توفير حماية إلا لقرابة 8 بالمائة فقط من مساحته.
يؤثر ارتفاع درجة حرارة البحار على الشعاب المرجانية التي تعد موائل حاضنة للأسماك.
و يجب زيادة عدد المناطق المحمية بشكل صارم بما يحظر الصيد والغوص وركوب القوارب لأن هذه المناطق رغم أنها لا توفر برودة مائية إلا أنها تتعافى بشكل أسرع وأفضل".
في المقابل، يرى باحثون أن زيادة عدد المناطق المحمية ليس كافيا إذ يستلزم الأمر إدارتها بشكل صحيح حيث تعاني المحميات البحرية من سوء الإدارة.
ويقول باحثون إن ارتفاع الحرارة في البحر المتوسط قد يوفر ملاذا آمنا لكائنات بحرية أخرى مثل بعض الأعشاب البحرية الاستوائية التي تتكيف بشكل جيد مع ارتفاع درجات الحرارة ومستويات الملوحة مقارنة بالأعشاب البحرية الأخرى.
خسائر تغير المناخ حول العالم ترتفع إلى 16 مليون دولار في الساعة
أفادت دراسة حديثة أن استمرار تغير المناخ حول العالم بشكل متصاعد أدى إلى خسائر قدرت بحوالي 16 مليون دولار في الساعة الواحدة. تشير الدراسة إلى أن غياب البيانات عن الدول الفقيرة تؤكد أن الواقع ربما يكون أسوأ بكثير.
خسرت الكثير من الدول حول العالم المليارات بسبب العواصف والفيضانات والأعاصير التي ارتفعت وتيرة حدوثها بسبب التغير المناخي
أكدت دراسة حديثة أن الأضرار الناجمة عن أزمة التغير المناخي وما ينجم عنه من طقس قاسٍ ينتج عنها خسائر تقدر بنحو 16 مليون دولار (15,14 مليون يورو) في الساعة الواحدة وذلك على مدى السنوات العشرين الماضية.
أودت العواصف والفيضانات وموجات الحر والجفاف بالعديد من الأرواح ودمرت مساحات شاسعة من الممتلكات والمناطق الزراعية والمحميات الطبيعية في العقود الأخيرة في دول مختلفة حول العالم، حيث تسبب الاحترار العالمي في تصاعد وتيرة وقوع تلك الكوارث وجعلها أشد تدميراً، بحسب ما نشرت صحيفة غارديان البريطانية.
الدراسة الأولى من نوعها
وتعد هذه الدراسة هي الأولى من نوعها والتي تحسب رقما عالمياً للتكلفة المتزايدة التي تُعزى مباشرة إلى الاحترار العالمي والناتج بشكل رئيسي عن النشاط الصناعي الكثيف للبشر.
وبحسب نموذج تحليل البيانات الذي لجأت إليه الدراسة، فإن متوسط الخسائر عالمياً يبلغ 140 مليار دولار (132,50 مليار يورو) سنويا وذلك من عام 2000 إلى عام 2019، على الرغم من أن الرقم يختلف اختلافاً كبيراً من سنة إلى أخرى، إذ تظهر أحدث البيانات خسائر بقيمة 280 مليار دولار في عام 2022 وحده، وفق ما نشرت منصة "إيكو واتش" المتخصصة في الشؤون البيئية.
واتخذت الدراسة، التي نشرت في مجلة Nature Communications، نهجاً مختلفاً يعتمد على كيفية تفاقم تغير المناخ في الظواهر الجوية المتطرفة. وقد تم إجراء المئات من الدراسات الموازية للدراسة الرئيسية، وحساب مدى التغير في الاحترار العالمي المتصاعد والذي تسبب في الظواهر الجوية القاسية ما سمح بتقدير جزء الأضرار الناتجة عن إنتاج غازات الدفيئة التي ينتجها النشاط البشري.
وقال الباحثون إن نقص البيانات، خاصة في البلدان منخفضة الدخل، تسبب في التقليل من مدى خطورة الأرقام الإجمالية، كما لم تتضمن تلك الأرقام الخسائر الأخرى الناتجة عن تغير المناخ التكاليف المناخية الإضافية ، مثل انخفاض غلة المحاصيل وارتفاع مستوى سطح البحر، وفق ما نشرت وكالة بلومبيرغ.
وبحسب كبير محللي المناخ في بلومبرغ إنتليجنس، جون ستيفنسون، فإن هذه الأرقام تمثل النفقات المجمعة الناجمة عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات، وانقطاع التيار الكهربائي، والإنفاق الحكومي، والتضخم المتزايد في قطاع البناء وغيرها من الأضرار المادية.
ويضيف ستيفنسون أن الأضرار المالية المقدرة المرتبطة بالاحتباس الحراري بلغت حوالي 7 تريليون دولار على مدار الثلاثين عامًا الماضية. ولا يشمل هذا العدد أشياء مثل الأجور المفقودة المرتبطة بحرائق الغابات أو الحرارة الشديدة، فضلاً عن ارتفاع أقساط التأمين على الممتلكات.
"الواقع أسوأ بكثير"
وقال البروفيسور إيلان نوي ، من جامعة فيكتوريا في ويلينغتون في نيوزيلندا ، والذي أجرى الدراسة مع زميلته ريبيكا نيومان إن"الرقم الرئيسي للخسائر هو 140 مليار دولار في السنة وهو رقم كبير بالفعل"، وأضاف أنه عند مقارنة الرقم بتكلفة تغير المناخ باستخدام نماذج الكمبيوتر، يبدو أن هذه التقديرات تقلل من تأثير تغير المناخ" ما يعني أن الواقع أسوأ بكثير.
ويقول الباحثون القائمون على الدراسة أنهم توصلوا إلى تلك التقديرات من خلال الجمع بين البيانات حول مدى تفاقم الاحترار العالمي وارتباط ذلك بالظواهر الجوية المتطرفة مع البيانات الاقتصادية الدولية عن الخسائر. ووجدت الدراسة أيضاً أن عدد الأشخاص المتأثرين بالطقس المتطرف بسبب أزمة المناخ كان 1.2 مليار شخص على مدى عقدين.
ويعزى ثلثا تكاليف الأضرار إلى الأرواح التي أزهقت، بينما يعزى الثلث الآخر إلى تدمير الممتلكات وغيرها من الأصول. وتشير الدراسة إلى أن العواصف والأعاصير العاتية، مثل إعصار هارفي، كانت وحدها مسؤولة عن ثلثي الاضرار الاقتصادية، فيما شاركت موجات الحر بنسبة 16٪ من إجمالي الخسائر فيما ساهمت الفيضانات والجفاف بنسبة 10 بالمائة.
يشار إلى أن السنوات التي شهدت أعلى الخسائر بسبب التغير المناخي هي عام 2003، عندما ضربت موجة حارة أوروبا، يليها عام 2008، عندما ضرب إعصار نرجس ميانمار؛ وعام 2010، عندما ضرب الجفاف الصومال وضربت موجة حارة روسيا.
وكانت الأضرار في الممتلكات أعلى في عامي 2005 و 2017 عندما ضربت الأعاصير الولايات المتحدة وذلك بسبب حجم الخسائر الهائل في الممتلكات والبنية التحتية.
الحلقة القادمة: تأثير الانهيار المناخي في العراق
التعليقات