تقرير: إعصار "هارفى" يشعل حرب الإمدادات بين دول النفط.. ويداعب حلم أوبك فى زيادة الأسعار

يعد تأثير الإعصار هارفي على أسواق النفط العالمية، أحد أغرب الأمور التي شهدها مسؤولو أوبك المخضرمون.

وأدت العاصفة إلي بعض أكبر التعطيلات في البنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة، لكنها تعجز حتى الآن عن دعم أسعار الخام.

وعلى خلاف الأعاصير الكبيرة السابقة، مثل كاترينا في 2005، فإن أسعار النفط انخفضت فعليا، خلال الإعصار هارفي مع تركيز المتعاملين على الأثر السلبي على طلب المصافي الأمريكية المتضررة بدرجة أكبر من الضربة التي تلقتها الإمدادات، بسبب تضرر الإنتاج.

وذلك مبعث خيبة أمل كبيرة لدول أوبك، التي تقيد إمدادات النفط في الوقت الحالي في مسعى لدفع الأسعار للارتفاع.

وقال مندوب لدى أوبك أدهشه غياب أثر هارفي: "يبدو أنه ما من حدث سيدفع سعر النفط للارتفاع كثيرا"، بينما أصاب الارتباك مندوبا آخر بعد انخفاض أسعار النفط هذا الأسبوع، لتتحدى أيضا تراجعا كبيرا في الإنتاج الليبي، بسبب عدم الاستقرار.

وقال المندوب: "كل شيء غريب حقا.. معنويات السوق تغيرت كثيرا في السنوات العشر الأخيرة"، لكن ما زال من غير الواضح ما إذا كانت السوق ستظل تخيب أمل سادتها المنتظرين في ظل انقسام المحللين بشأن ما إذا كان طلب المصافي الأمريكية سيتعافي بوتيرة أسرع من الإنتاج الأمريكي.

وتجاهلت أوبك طويلا ثورة النفط الصخري الأمريكية، التي ساعدت أكبر مستهلك للنفط في العالم على زيادة الإنتاج بقوة، ليصبح مصدرا كبيرا للخام ومنتجاته في السنوات الأخيرة.

وحين اعترفت أوبك أخيرا بالتهديد، شرعت المنظمة بقيادة السعودية في حرب إمدادات مع الولايات المتحدة، الذي يتسم نفطها بارتفاع التكلفة، عبر خفض أسعار النفط، لكن في العامين الأخيرين، كبحت أوبك الإنتاج لدعم الأسعار، بسبب الضغوط الكبيرة التي فرضها انخفاض الأسعار على ماليات معظم الأعضاء.

وأنعش التحرك نمو قطاع النفط الأمريكي مع زيادة الإنتاج والصادرات إلى مستويات مرتفعة جديدة حتى الإعصار هارفي، وبخلاف الإعصارين كاترينا وجوستاف، حين تسببت رياح قوية في الإضرار بإنتاج النفط، فإن هارفي عطل بشدة أيضا قطاع التكرير الأمريكي وخطوط أنابيب المنتجات، مما تسبب في ارتفاع أسعار المنتجات.

وقال أوليفر جاكوب، من بتروماتركس للاستشارات، إن أسعار البنزين في الولايات المتحدة أصبحت عند مستويات لا تبلغها عادة إلا عندما يكون سعر النفط نحو 84 دولارا للبرميل، بينما تبلغ أسعار العقود الآجلة لخامي برنت وغرب تكساس الوسيط الأمريكي 51 و46 دولارا على الترتيب.

وقال جاكوب: "لا بد أن أوبك تستشيط غضبا، إنهم لا يحصلون على أي من هذا (المكسب)".

لكن الأمر لم يحسم بعد، سواء استمرت الأمور على هذا المنوال أو إن كان هارفي سيساعد في نهاية المطاف جهود أوبك لإعادة التوازن لسوق النفط عبر الإضرار بالإمدادات أكثر من الطلب.

وتخفض أوبك وعدد من المنتجين غير الأعضاء في المنظمة، تقودهم روسيا الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا منذ بداية العام على أمل خفض مخزونات النفط والمنتجات العالمية إلى ما بين 2.7 و2.8 مليار برميل من مستواها القياسي المرتفع البالغ أكثر من ثلاثة مليارات برميل، وانخفضت المخزونات الأمريكية بقوة في الأسابيع القليلة الماضية.

ويقول بنك الاستثمار جولدمان ساكس، أحد أنشط البنوك في تجارة السلع الأولية، إنه يعتقد أن هارفي سيبطئ استعادة السوق لتوازنها لأنه سيخفض الطلب 0.7 مليون برميل يوميا في الشهر المقبل، ولأن له تأثيرا عاما سلبيا.

وقالت آي.إن.جي، إن أسعار الخام الأمريكي تتجه للانخفاض مع عودة الإنتاج الذي تضرر بفعل الإعصار إلى طبيعته أسرع من طلب المصافي التي ما زالت مغلقة بسبب السيول.

لكن الصادرات الأمريكية عامل حاسم آخر، يجب أن يوضع في الاعتبار، فحين ضرب الإعصار كاترينا الساحل الأمريكي على خليج المكسيك في أغسطس آب 2015 كانت الولايات المتحدة تصدر 1.3 مليون برميل يوميا من البترول، بينما تصدر الولايات المتحدة اليوم الخميس ما بين خمسة وستة ملايين برميل يوميا من الخام والمنتجات.

وبحسب جاكوب من بتروماتركس، فإن هارفي سيساعد أوبك وهدفها المتمثل في تقليص المخزونات في بقية العالم، إذا طال أمد التعطل الحالي للصادرات.

وقالت أمريتا سين، من إنرجي أسبكتس: "في نهاية المطاف يجب أن يهتموا في أوبك بالمنظور العالمي، وبتلك الطريقة فإن تأثير هارفي هو دفع الأسعار للارتفاع حتى إن تسبب في تراجع أسعار الخام الأمريكي في الأمد القريب".

وقالت إنه بالنظر إلى ارتفاع أسعار المنتجات، فإن المصافي في أوروبا وآسيا ستعمل بطاقتها القصوى، وهو ما سيدعم في نهاية المطاف أسعار الخام في أنحاء العالم.

التعليقات