وصف معهد واشنطن قرار الإدارة الأمريكية بتأجيل أو إلغاء مساعدات تقدر بنحو 300 مليون دولار لمصر، بأنه "قرار غير متأن" تفاجأت به مصر في ظل العلاقات الجيدة التي تجمع بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترامب.
وقال المعهد - في تقرير له علي موقعه الرسمي اليوم السبت، "إن مصر كانت تظن أن هذه العلاقات كافية لضمان تعاون ثنائي قوي بين القاهرة وواشنطن يسمح بمواصلة المساعدات العسكرية الأمريكية بعد سنوات من عدم اليقين في ظل عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما".
وأشار إلى أن القرار يعكس صراعات داخل المؤسسات الأمريكية بشأن ثلاث حزم منفصلة من المساعدات الأمريكية لمصر.. معربا عن اعتقاده بأن إجراءات بيروقراطية وسياسية هي ما دفعت الإدارة الأمريكية لاتخاذ هذا القرار، وليست استراتيجية شاملة بشأن العلاقات الأمريكية المصرية أو المنطقة بشكل أوسع، وهو ما يعكس أن عملية صناعة السياسية الأمريكية "مشوشة"، علي حد وصف المعهد.
وأضاف المعهد "أن هذا القرار تم تنسيقه بضعف حتى داخل الإدارة الأمريكية، حيث تسربت سياسة المساعدات الجديدة قبل ساعات فقط من اجتماع رفيع المستوى بين وفد أمريكي يتضمن كبير مستشاري الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، ونائبة مستشار الأمن القومي الأمريكي دينا باول، والمبعوث الأمريكي للسلام في الشرق الأوسط جيسون جرينبلات مع الرئيس السيسي، وذلك حيث كان الوفد يزور القاهرة في إطار جولة اقليمية أوسع ركزت على دفع عملية السلام في الشرق الأوسط.
وأوضح أن القرار الجديد بشأن المساعدات دفع الوفد إلى مناقشة العلاقات الأمريكية المصرية بدلا من تناول هذه الأولويات.. وتابع: "الطريقة التي اتخذت بها واشنطن القرار وأعلنته قد قوضت مصداقية إدارة الرئيس الأمريكي لدى القاهرة، والتي من حقها الآن أن تتساءل عما إذا كان دعم ترامب المعلن للسيسي يحدث فارقا؟".
ولفت المعهد إلي أن قطع المساعدات يأتي أيضا قبل أسابيع من استئناف مناورات (النجم الساطع) العسكرية، والتي تجرى كل عامين بين مصر وواشنطن، وهي مناورات أعيد تصميمها في ظل إلحاح واشنطن على تركيزها على مكافحة الارهاب بعد توقفها منذ أربع سنوات .. ورأي أن التغييرات في المساعدات تعكس الإجراءات البيروقراطية والداخلية التي تصيغ السياسة الأمريكية تجاه مصر، والتي لم ينجح الرئيس الأمريكي في إدارتها في هذا الملف ما أدى إلى نتيجة مربكة تضاربت مع الأولويات الأخرى للإدارة الأمريكية.
وأشار إلي أن الإدارة الأمريكية تدخلت لتحقق سيطرة مباشرة على الحزمة الثالثة من المساعدات والتي تتضمن 15% من المساعدات العسكرية السنوية الأمريكية لمصر، إلا أن الكونجرس رهن صرف هذه المساعدات بشهادة من وزير الخارجية الأمريكي بأن مصر تتخذ خطوات فعالة تجاه دفع الديمقراطية وحقوق الإنسان، فيما تجنبت إدارة ترامب هذا الإلزام لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وعليه تبقى إمكانية منح المساعدات متاحة بدلا من انتهائها في 30 سبتمبر.. كما أشار إلى أن الإدارة الأمريكية وضعت شروطا جديدا لاستخدام المساعدات، وهي أن يتم انفاذها عبر وكالة التعاون الأمني الدفاعي التي تدير المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، وأن توافق الوكالة على أي انفاق للمساعدات من جانب مصر.
ورأي معهد واشنطن أن شروط هذه الحزمة مازالت (غامضة)، حيث أنه بدلا من تحديد خطوات واضحة يمكن للقاهرة أن تتخذها لتلقي المساعدات تحدثت الإدارة الأمريكية عن ثلاثة مخاوف دون تحديد ما إذا كان يتعين تبديد جميع هذه المخاوف أم لا.
التعليقات