منتدى تريندز يدشن فعالياته بندوة "الإخوان المسلمون بين التمدد والتراجع"

ضمن سلسلة ندوات وفعاليات "منتدى تريندز للإسلام السياسي السنوي الثاني" - عن بُعد - الذي يأتي تحت عنوان "مشروع التمدد الإخواني: حدود التراجع والمآلات"، نظم مركز تريندز للبحوث والاستشارات، أمس الثلاثاء، الندوة الأولى من المنتدى والتي حملت عنوان: "الإخوان المسلمون بين التمدد والتراجع: رؤية مستقبلية"، وألقت الكلمة الترحيبية للندوة شريفة الرئيسي نائبة مدير إدارة المؤتمرات بالمركز.

وتركز فعاليات "منتدى الإسلام السياسي السنوي الثاني" على مناقشة الأبعاد كافة المرتبطة بالمشروع الفكري والسياسي لجماعة الإخوان المسلمين، ومشروع التمدد الإخواني وحدود التراجع والمآلات التي تبحث عنها الجماعة بعد أن لفظتها المجتمعات العربية كافة، وبدأت دول القارة الأوروبية في تضييق الخناق عليها أيضاً.

وشارك في الندوة كوكبة من الخبراء والباحثين والمتخصصين في حركات الإسلام السياسي، وأدار فعاليات الندوة كريس هاميل - ستيوارت صحفي في عرب نيوز بالمملكة المتحدة، وتضمنت أربعة محاور رئيسية هي: "الأسس الأيديولوجية لتمدد الإخوان المسلمين، ووسائل التمدد الإخواني: الماضي والحاضر، ومشروع التمدد الإخواني ومعارضة الدولة الوطنية، وآفاق استراتيجية التمدد بعد 30 يونيو".

حوار علمي أكاديمي

في البداية، ونيابة عن الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، رحبت شريفة الرئيسي نائبة مدير إدارة المؤتمرات في "تريندز" بالخبراء والباحثين المشاركين في الندوة، مضيفة أنه من خلال الندوة يطمح "تريندز" لرعاية حوار علمي أكاديمي بنّاء بين العالمين العربي والغربي حول ظاهرة الإسلام السياسي.

وأكدت الرئيسي أن "تريندز" يلتزم بتعزيز قيم السلام والوفاق من خلال تحليل جميع أشكال الأيديولوجيات المتطرفة في العالم، ويسعى إلى نشر المعرفة الأكاديمية والعلمية في هذا المجال لزيادة الوعي بالتهديدات والمخاطر التي قد تشكلها هذه الأيديولوجيات على المجتمعات.

وأوضحت أنه لهذه الغاية ينشر مركز تريندز جميع أنواع الدراسات العلمية وينظم الفعاليات بجميع أشكالها ليسهم في تكوين معرفة أكاديمية حول مسار جماعة الإخوان المسلمين وآثاره، تأسيساً على أن "تريندز" أصبح مرجعية إقليمية وعالمية في قضايا تيارات الإسلام السياسي.

"الأسس الأيديولوجية لتمدد الإخوان المسلمين"

واستهل فعاليات الندوة زياد منسون أستاذ علم الاجتماع، رئيس قسم علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بجامعة لاهاي في الولايات المتحدة الأمريكية، وقدم ورقة بحثية بعنوان: "الأسس الأيديولوجية لتمدد الإخوان المسلمين".

وأكد منسون أن أيديولوجيا الإخوان المسلمين تخضع لفحص دقيق من المراقبين السياسيين والباحثين منذ قرن من الزمان، مبيناً أن الأبحاث الحديثة في نظرية الحركة الاجتماعية للجماعة تبين ثلاث طرق رئيسية تواصل من خلالها أيديولوجيا الجماعة بلورة تاريخها.

وذكر أن أول هذه الطرق، هو أن أيديولوجيا التنظيم تشكل إطاراً لمزاعمها السياسية، فهناك أسئلة قائمة منذ زمن طويل حول علاقة الجماعة بالعنف، ومنظور المزاعم يسمح لنا بتحويل التركيز التحليلي من محاولات فهم نظرة الجماعة الحقيقية إلى العنف.

وأردف بأن الطريقة الثانية هي اعتبار أيديولوجيا التنظيم عنصراً مهماً في الهوية الجماعية، فهذه الأيديولوجيا تساعد على تحديد الطريقة التي يفكر بها الأعضاء، ومنها توافر المفردات المستخدمة في تحديد هوية جماعية هادفة وبارزة ومترابطة للجماعة.

وأشار زياد منسون إلى أن الطريقة الثالثة هي أن الأيديولوجيا تشكل طريقة رئيسية للتنظيم الاجتماعي في الجماعة، وهي التي أسهمت في زيادة شعبية الجماعة وتواصلها مع عدد أكبر من السكان، ورسخت المبدأ الأيديولوجي القائل بإن "الإسلام هو الحل"، وكان محور هذه العملية طريقة تمثل الأيديولوجيا بطرق ملموسة وعملية.

"وسائل التمدد الإخواني بين الماضي والحاضر"

عقب ذلك، تحدث الأستاذ الدكتور نصر محمد عارف أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة عن "وسائل التمدد الإخواني بين الماضي والحاضر"، وذكر أن مستقبل جماعة الإخوان المسلمين مرهون بوجود الجماعة فكرياً، لأن الأفكار لا تموت ولكن قد تكون موجودة وغير فاعلة كوجود خامل بلا تأثير واقعي.

وأشار عارف إلى أن وجود جماعة الإخوان المسلمين في المجتمعات العربية والعالمية تحكمه ثلاثة عوامل رئيسية هي: "علم اجتماع الجماعة الداخلي، والقدرة على التكيف، والاستقلال الاقتصادي".

وشبه جماعة الإخوان بمنظومة البلوك تشين، فالجماعة داخلياً لديها شبكة معلوماتية اجتماعية مغلقة ومحكمة، والذين خرجوا وانشقوا عن الجماعة لم يكونوا في عمق الشبكة الإخوانية وليسوا مؤثرين فيها، مضيفاً أن العامل الثاني هو امتلاك الجماعة القدرة على التكيف والاستيعاب والتلون في المراحل التاريخية كافة، فهي قادرة على التلون أينما كانت لتجنيد عناصر جديدة في صفوفها.

أما العامل الثالث فهو تمتع جماعة الإخوان المسلمين باستقلال اقتصادي، حيث تؤمن احتياجات أعضائها اقتصادياً، وتوفر للمنتمين إليها العلاج والرعاية والدعم والحماية، وتجيء مصادر هذا الدعم الاقتصادي من تمويل متبرعين وجمعيات خيرية تدعم أنشطة الجماعة.

وشدد الأستاذ الدكتور نصر محمد عارف على أن العنصر الأساسي الذي يحول جماعة الإخوان إلى لاعب سياسي، هو قرار الدولة التي يعيشون فيها، مؤكداً بأن التخلص من الآثار السلبية لهذه الجماعة وزوال وجودها يتطلب التحرك على مستوى سياسي واتخاذ قرارات سيادية من الدول التي تعاني انتشار هذه الجماعة.

"مشروع التمدد الإخواني ومعارضة الدولة الوطنية"

أما الدكتور لورينزو فيدينو مدير برنامج مكافحة التطرف بجامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية فتطرق في ورقته إلى "مشروع التمدد الإخواني ومعارضة الدولة الوطنية"، موضحاً أنه مع اقتراب مرور قرن من الزمان على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين، يمكن القول إن الجماعة وصلت إلى واحد من أدنى مستويات شعبيتها في جميع أرجاء العالم العربي، وخرجت جميع فروعها من السلطة وفقدت الجماعة بشكل عام جزءاً كبيراً من داعميها في دول المنطقة وشعوبها.

وذكر أنه من المفارقة بمكان أن وضع الجماعة يبدو أفضل في أوروبا، حيث طلب بعض قادتها اللجوء، ونشأ جيل جديد من النشطاء المرتبطين بالجماعة، ما رسخ حضورها في المناقشات الأوروبية بفضل قدرتها على الاستخدام الذكي للغة الديمقراطية والاندماج ومكافحة العنصرية.

ولفت فيدينو إلى أنه في الوقت نفسه، تبنت العديد من الدول الأوروبية في العامين الماضيين مواقف أكثر انتقاداً للجماعة والحركات الإسلاموية بشكل عام، فالأوروبيون على اختلاف مشاربهم السياسية يشعرون بقلق متزايد من تأثير روايات الجماعة وأنشطتها على التماسك الاجتماعي والاندماج.

وأوضح الدكتور لورينزو فيدينو بأن التحول الأوروبي من موقف اللامبالاة تجاه جماعة الإخوان إلى القلق من أنشطتها اليوم، يتضح من خلال ثلاثة مستويات، أولها مستوى الخطاب العام والوعي بالإسلاموية بشكل عام، حيث يعبّر كبار المسؤولين عن مواقف سلبية تجاه الجماعة، وثانيها مستوى التحقيقات الجنائية والتدابير الإدارية المتخذة لتفكيك شبكات الإخوان، أما ثالثها فيتصل بالإجراءات الهادفة إلى وقف تدفق الأموال التي كانت شبكات الإخوان الأوروبية تستفيد منها.

"آفاق استراتيجية التمدد بعد 30 يونيو"

بدوره، ناقش الدكتور باتريس برودور البروفيسور في معهد الدراسات الدينية في جامعة مونتريال بكندا في ورقته "آفاق استراتيجية التمدد بعد 30 يونيو"، واستشهد في حديثه بالفصل الخامس من كتاب: "الإسلام السياسي في حقبة ما بعد الربيع العربي" الذي أعده بالتعاون مع الدكتور وائل صالح الباحث الرئيسي في برنامج دراسات الإسلام السياسي ورئيس وحدة متابعة الاتجاهات المعرفية بالعالم في "تريندز"، الذي سيُنشر مطلع العام 2022.

وذكر برودور أن آفاق استراتيجية التمدد بعد 30 يونيو تفتح المجال لثلاثة مآلات محتملة للإسلاموية، وهي الرجوع إلى الإسلاموية بشكلها المبدئي المتطرف، أو تحولها إلى إسلاموية بشكل جديد مُفرَّغ من كل مبادئها المؤسِّسة، أو موت الإسلاموية.

ويعتقد الدكتور باتريس برودور أن الإسلامويين، وتحديداً جماعة الإخوان المسلمين، سيرجعون إلى الإسلاموية بشكلها المبدئي المتطرف أو سيتحولون إلى شكل جديد من الإسلاموية مفرغ من كل مبادئها المؤسِّسة، أما على المدى الطويل، فسيؤدي المساران على الأرجح إلى ما نسميه بموت الإسلاموية.

وفي ختام الندوة، تقدم الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات؛ بشكر المشاركين في هذه الندوة على ما قدموه من معلومات مفيدة تهم عالم اليوم، وشدد على أن تريندز باختياره هذه النوعية من الندوات؛ فإنه يسعى إلى تقديم المعرفة الشاملة للمجتمع وصناع القرار.

التعليقات